نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مباركٌ للنّشامى .. كأنّنا جميعاً فزنا - تواصل نيوز, اليوم السبت 7 يونيو 2025 09:54 مساءً
أنا عربيّة سوريّة. لا أحمل الجنسيّة الأردنيّة، لكنّ ما حصل قبل أيّام شعرت به وكأنّه يخصّني ويخصّ كلّ عربي كما يخصّ كلّ أردنيّ.
فوز منتخب الأردن وتأهّله لكأس العالم لم يكن مجرّد لحظةٍ رياضيّةٍ عابرةٍ، بل ليلةً عربيةً بامتيازٍ. لم يكن الأمر مجرّد نصرٍ كرويّ، بل كان تذكيراً لنا - نحن العرب - بأنّنا نستحقّ. نستحقّ أن نكون على الشّاشات، في المونديال، نستحقّ أن نصنع لحظاتٍ للتاريخ، ونستحقّ أن نقترب من حلم الطّفولة ومواجهة البرازيل وغيرها من الكبار.
نحن شعوبٌ اعتادت أن تُهمّش، أن تبقى على المقاعد الخلفيّة في كلّ شيء. نتابع ونشجّع ونفرح للآخرين، لكن لا أحد ينتظر منّا أن نكون أصحاب الإنجاز. كم من عربي اعتاد أن يشجّع المنتخب الألماني أو الإيطالي في المونديال!!
ولهذا، حين صعد الأردن، لم يكن الانتصار للرّياضة فقط، بل لكرامةٍ أوسع من مجرّد نتيجة مباراة.
الجميل في هذا المنتخب أنّه يشبه النّاس. يشبه الحارات، والميادين، والمدارس التي صنعت الأحلام في ظروف صعبة. لم يأت من مراكز تدريب فخمة أو ميزانيّات خياليّة، بل من الشّغف، والإصرار، والعرق. وهذا ما جعله أقرب إلى القلب.
أنا سوريّة، وُلدت ونشأت في سوريا .. لكنّ سوريا كلّها على مسافة "صفر" من الأردن، فحدودنا قد تُفصل جغرافيّاً، لكنّها لا تفصلنا وجدانيّاً. وأعرف تماماً ماذا يعني أن تقول للعالم "نحن هنا". أن تفرض نفسك بالّلعب النّظيف، والجُهد الحقيقي.
الأردن اليوم على خارطة العالم الكرويّ. وهذا إنجازٌ لا يجب أن نمرّ عليه سريعاً. لأنّ كلّ عربيّ شاهد المباراة شعر أنّه هو أيضاً قادر. أنّ الخروج من الظلّ ممكن، وأنّ الفرق الصّغيرة ليست أبداً أقلّ أهميّة من الكبار.
الرّهان لم يكن فقط على إحدى عشر لاعباً في الملعب، بل على بلد قرّر أن يتكلّم بصوته. وهذا الصّوت وصل، ودوى في أرجاء المعمورة.
صحيحٌ أن الوطن أكبر بكثير من إنجاز كروي لكنّ فوز الأردن هو انتصار لفكرة: أنّ لا شيء مستحيل حين يكون وراءك قيادةٌ رياضيّةٌ فذّةٌ وجهاز فنيّ صبور، ولاعبون يصنعون المجد، وجمهور مؤمن. جميع أصدقائي الأردنيّين كانوا ينبضون ثقة بالمنتخب وأنّ النّشامى تجاوزوا عقدة الوقت بدل الضائع وتوتّر الدقائق العشر الأخيرة، وهاتفني معظمهم بعد المباراة قائلين : "لقد قلنا لك أنّ منتخبنا قادر".
أروع ما في هذا الإنجاز أنه وحّدنا. من الخليج إلى الشّام، الجميع قالها: "مبروك يا أردن" وكأنّ كلّ واحدٍ منّا حقّق شيئاً لنفسه.
التأهّل وحده لا يكفي. الإنجاز الحقيقي يبدأ من الآن. الكرة الأردنية بحاجة إلى نفس طويل، إلى استثمار ذكيّ لا يُبدّد الزّخم، ولا يكتفي بصورةٍ تذكاريةٍ.
اللاعبون الذين قاتلوا على أرض الملعب يستحقّون منظومة تدعمهم، لا تعيقهم. وجمهور بهذه الروح يجب أن يبقى قريباً من صانعي القرار، لا على الهامش.
الخطوة التالية للأردن هي بناء ما هو أعمق من منتخب قوي، بناء عقليّة جديدة تؤمن أنّ الإنجاز ليس استثناءً، بل قاعدة يمكن تكرارها. وحتى لو لم تُحقّق البطولة يوماً، يكفي أن يصبح الحلم مشروعاً دائماً، لا مفاجأة مؤقتة.
ككاتبة عربية، أقولها بكلّ وضوح: منتخب الأردن لم يتأهّل وحده. بل أخذ معه آمال الملايين منّا. لقد كتب النّشامى سطراً جديداً في ذاكرة الكرة العربيّة. وغداً، ربّما يكتب آخرون من بلداننا سطوراً مشابهة. لكنّ ما سيبقى حقّاً هو ذلك الإيمان المتجدّد بأنّنا قادرون. لا لأنّ العالم منحنا فرصة، بل لأنّنا صنعناها بأنفسنا.
مبروك للأردن .. ومبروك لكلّ عربي آمن أنّ المستحيل مجرّد فكرة لم تُختبر بعد.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : مباركٌ للنّشامى .. كأنّنا جميعاً فزنا - تواصل نيوز, اليوم السبت 7 يونيو 2025 09:54 مساءً
0 تعليق