تواصل نيوز - “من سيفكّر في العلاج النفسي؟” كان هذا هو السؤال الذي وُجّه إلى رئيسة مجموعة  Brain Station Clinics، الاختصاصية النفسية الدكتورة كريستينا رياشي، عند إطلاق المشروع في عام 2017. اليوم، تثبت عيادات Brain Station المنتشرة في كل أنحاء لبنان العكس، وتعود فعالية Brain Eve في دورتها الثانية لتؤكد أن الأمور تغيّرت، وأن الحديث عن الصحة النفسية لم يعد، كما قبل، من المخاوف التي يصعب علينا البوح بها، بل أصبح ضرورة علنية، ومحط اهتمام مختلف الفئات العمرية.

جمعت Brain Station Clinics للسنة الثانية على التوالي فريق عمل Brain Station وعدداً من المهتمّين في مجال الصحة النفسية، بحضور شخصيات عامة منها الطبيب النفسي الدكتور وديع نجا، وملكة جمال لبنان لعام 2024 ندى كوسا، وهي أساساً معالجة نفسية عملت في هذا الاختصاص، في فعالية هدفت إلى الدمج بين التثقيف والدعم العلاجي، تُستخدم عائداتها لتوفير جلسات علاج مجانية، في خطوة عملية لترجمة الوعي إلى خدمة.

توضح رياشي لـ"النهار" أن التشكيك في البداية كان كبيراً، "لكن الوعي يتزايد يومياً، والناس باتوا أكثر جرأة في طلب المساعدة النفسية. والمبادرة لا تقتصر على هذه الفعالية فحسب، بل تتوسع من خلال مشاريع مثل Brainpod (البودكاست التوعوي) وBraincare  (العيادات بأسعار مخفوضة)، وغيرها من الفعاليات التي تروّج للوعي النفسي.

من جهته، قال نجا إن الشعور بالقلق أو الحزن لا يعني بالضرورة الحاجة إلى العلاج النفسي، لكن “عندما تبدأ هذه المشاعر بالتأثير على حياتنا، عملنا، أو علاقاتنا، تصبح الاستشارة النفسية ضرورية"، موضحاً أن العلاج قد يشمل جلسات مع معالج نفسي، أو أدوية يصفها الطبيب، أو كليهما، مشيراً إلى أن "الدواء النفسي ليس إدماناً، بل حاجة طبية كأي علاج آخر، كعلاج مرض الضغط أو السكري، ويجب عدم التوقف عنه دون مراجعة الطبيب، وأن 30% من الحالات قد لا تستجيب للأدوية، ما يستدعي التقييم المستمر".

شاركت كوسا في النقاش المفتوح، فتناولت في مداخلتها علاقتها بالصحة النفسية، مشيرة إلى أنها تمر أحياناً بفترات صعبة، تميل فيها إلى العزلة والجلوس مع نفسها، أو إلى التحدث مع أهلها عندما تشعر بالحاجة للدعم. وأكدت أن الجمال الخارجي وحده لا يكفي، وأن الإنسان لا يُقاس فقط بمظهره أو إنجازاته، بل بقدرته على التوازن النفسي والصدق مع ذاته.

وفي حديث لـ”النهار”، خصّصت كوسا مساحة أوسع للتطرّق إلى تجربتها الشخصية، مشدّدة على أن حمل لقب ملكة جمال لا يعني الغياب عن المعاناة أو الضغوط، "بل على العكس، قد تُضاف أعباء أخرى بسبب التوقعات والصورة العامة". وأضافت: "يمر الإنسان بظروف لا تُرى من الخارج. كثيرون يظنون أن من تظهر على المسرح أو تحمل لقباً لا تعاني، لكن الحقيقة أنني مررت بفترات صعبة جداً، كنت أختار العزلة أحياناً، أو أتكئ على أهلي، لأستعيد توازني من جديد".

وأضافت أن الصحة النفسية ليست رفاهية، بل حق أساسي يجب أن يحصل عليه كل فرد، مشيرة إلى أهمية التحدث عن الألم وعدم إنكاره، واختتمت بقولها: “الاعتراف بالمشاعر والبحث عن الدعم لا يُنقص من الإنسان شيئاً، بل هو شكل من أشكال القوة. لا أحد محصّن، وكلنا بحاجة إلى من يسمعنا".

وكانت مجموعة Brain Station قد أطلقت أخيراً فيلماً توعوياً قصيراً يسلط الضوء على أهمية الصحة النفسية، مؤكدين أنها لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية. الفيلم من إخراج المخرج أندرو دواف وفريق عمله، وشارك في العمل الكاتب والموزع الموسيقي جاد عبيد، إلى جانب مجموعة من الممثلين الذين قدموا أداءً متميزاً أسهم في توصيل الرسالة بواقعية وبساطة.