نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي والقيادة: شراكة ضرورية لا ترف عصري - تواصل نيوز, اليوم الخميس 5 يونيو 2025 08:46 صباحاً
تواصل نيوز - في السنوات الأخيرة، لم تعد عبارة "اعمل بذكاء، لا بجهد" مجرد شعار تحفيزيّ يتردّد في أروقة المؤسسات، بل أصبحت تمثّل ضرورة حقيقية في واقع عمليّ يتغيّر بسرعة، ويزداد تعقيدًا بشكل غير مسبوق. في بيئات العمل الحالية، يُطلب من القادة أداء مهام متزايدة، وتحقيق نتائج مضاعفة، رغم تقليص الموارد، وتقلّص الطبقات الإدارية التي كانت توفّر قدراً من التوسّط والتنظيم.
لم يعد القائد يشرف على فريق صغير ويملك وقتاً للتفكير الاستراتيجي والتوجيه الهادئ، بل أصبح مسؤولاً عن فرق أوسع، ومطالباً باتخاذ قرارات سريعة، وتجاوز أزمات متلاحقة، من دون أن تتوفر له المساحة الذهنية الكافية. هذا التغيّر في البنية الإدارية لم يأتِ نتيجة ضعف في أداء القادة، بل نتيجة تطورات اقتصادية وهيكلية تفرض ضغطًا مستمرًا ومتزايدًا.
في ظل هذه التحديات، لم يعد من الممكن الاعتماد فقط على قوة الإرادة أو طول ساعات العمل. فالقيادة لم تعد مجرد جهد بشري مستمر، بل أصبحت بحاجة إلى أدوات تدعم التفكير، وتخفف العبء، وتعيد التوازن. وهنا يبرز الذكاء الاصطناعي ليس كخطر يهدد الدور البشري، بل كحليف استراتيجي يعيد توزيع الطاقة، ويوجهها نحو ما يميز القادة فعلاً: الرؤية، التواصل، والقرار.
الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في التصفية الذكية للمعلومات، وفي تخفيف الفوضى المعرفية التي يواجهها القائد يومياً. فهو قادر على تحليل البيانات، وتلخيص الاجتماعات، واقتراح صياغات دقيقة للمراسلات، وتحضير القادة للمواقف الحساسة من خلال سيناريوات "ماذا لو؟". وفي كل هذه الاستخدامات، لا يُلغى عقل القائد ولا يُختصر دوره، بل يُدعم ليمارس وظيفته من موقع قوة، لا من منطلق ردّ الفعل.
الدلائل على ذلك تزداد وضوحاً. فبحسب تقرير "المهارات الصاعدة" الصادر عن LinkedIn، أصبحت مهارات الذكاء الاصطناعي من أكثر المهارات طلباً عالمياً، وهي ليست حكراً على المهندسين والمبرمجين، بل باتت شرطاً للقادة الذين يرغبون في البقاء فعّالين في بيئة متغيرة. القدرة على فهم هذه الأدوات، واستخدامها بذكاء، أصبحت الخط الفاصل بين قيادة تُجهد نفسها في التفاصيل، وقيادة تملك وقتًا للتركيز على الصورة الكبرى.
تخيّل قائداً يمكنه في نهاية كل اجتماع أن يحصل على ملخّص تنفيذي منظم، من دون الحاجة لإعادة كتابة الملاحظات يدوياً، أو أن يستعين بأداة ذكية لتنظيم ردوده على الموظفين، بما يضمن سرعة التفاعل ووضوح الرسائل، أو أن يُجري تحليلاً سريعاً لنتائج فريقه مقارنة بالأهداف من دون الحاجة للغوص في جداول معقّدة. كل هذا ممكن اليوم، وليس في المستقبل.
الذكاء الاصطناعي لا ينفي البعد الإنساني في القيادة، بل يمنحه فرصة للبروز مجدداً. ففي عالم يغرق في المهام والضغوط، يكون الذكاء الاصطناعي وسيلة لاستعادة جوهر القيادة: الإصغاء، التوجيه، والتأثير. هو أداة تمكّن القائد لا لكي يصبح أقل إنسانية، بل أكثر حضوراً.
صورة تعبيرية
إن العلاقة بين القائد والتقنية ليست صراعاً بين القديم والجديد، بل شراكة ذكية، تعزز من قيمة الإنسان، وتُعيد تعريف الفاعلية. وفي نهاية المطاف، فإن القادة الذين يختارون التعاون مع الذكاء الاصطناعي، هم أولئك الذين يقودون لا بردّ الفعل، بل برؤية وثقة نحو المستقبل.
0 تعليق