خيوط التوتر: مؤشرات على انفجار وشيك رغم الهدنة بين إيران وإسرائيل

تشهد المنطقة توترات متزايدة بسبب تصاعد المواجهات بين إيران وإسرائيل، على الرغم من الهدنة التي أُعلنت بوساطة أمريكية وقطرية، والتي لم تتمكن من إيقاف إطلاق الصواريخ أو التصريحات المتبادلة بين الجانبين.

يشير الخبراء إلى أن الوضع الحالي لا يمثل نهاية للصراع، بل هو مجرد توقف مؤقت قد يسبق تصعيدًا جديدًا. وتتراوح التوقعات بين إمكانية تهدئة مشروطة أو استمرار المواجهات بوتيرة أقل، أو حتى انفجار كبير قد يؤدي إلى حرب شاملة.

فيما يلي نستعرض أبرز الآراء والتحليلات حول هذه الحرب، بمن في ذلك مدى حقيقة وقف إطلاق النار.

أستاذ العلوم السياسية: لا وجود لسلام حقيقي.. الربح لمن يكتب نهاية الحرب

قال الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية، إن الوضع الراهن في الشرق الأوسط مليء بالتوتر، ويبدو كأنما هو رقعة شطرنج دموية، خاصة مع تطور الأحداث في الصراع الإيراني الإسرائيلي.

وأشار الزغبي إلى أن ما يحدث ليس وقفًا حقيقيًا للصراع، بل هو هدنة مؤقتة اتفقت عليها الأطراف بوساطة أمريكية وقطرية، ترافقها صواريخ تحلق فوق بئر السبع وطهران، وهجمات استباقية أضعفت البنية التحتية، بينما يراقب العالم بشغف.

ورصد الزغبي ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطور الأحداث:

السيناريو الأول – التهدئة المشروطة:
تتمثل في اتفاق مؤقت يهدف إلى التقاط الأنفاس، جاء بعد وساطات مكثفة بهدف تجنب انفجار حرب موسعة، لكنها هدنة تكتيكية لا تعكس نية حقيقية لإنهاء الصراع.

السيناريو الثاني – استمرار المواجهة بدرجات منخفضة:
هذا السيناريو هو الأكثر احتمالاً، حيث نشهد ضربات محسوبة وتبادل رسائل عن طريق الهجمات بدلاً من التحادث، مما يعني عدم وجود منتصر واضح، بل طرف يخرج بأقل الأضرار. تمارس إسرائيل سياسة الردع الذكي، بينما تستخدم إيران وكلاءها لتوسيع نطاق النزاع دون الدخول في مواجهات مباشرة.

السيناريو الثالث – تصعيد نحو حرب إقليمية شاملة:
لا يمكن استبعاد هذا الخيار، فقد تؤدي تقديرات خاطئة أو هجمة غير محسوبة إلى إشعال المنطقة. استهداف منشأة حيوية قد يشعل فتيل نزاع كبير. حتى الآن، لا أرى هذا السيناريو مرجّحاً بسبب توازن القوى، لكنه يبقى خيارًا مرعبًا.

بالنسبة لإعلان وقف إطلاق النار، قال الزغبي: “هل هو حقيقي؟ أعتبر أنه مجرد رماد دخاني، إنه هدنة إعلامية تُعلن عبر الميكروفونات وليس على الأرض”. وأشار إلى أن الوضع يكشف عن استمرار الضربات، وأن طهران نفت التوصل لأي اتفاق، بينما رفعت إسرائيل حالة التأهب تحسباً لأي مفاجأة.

وفيما يتعلق بمن يكسب في هذه الحرب، قال الزغبي: “الرصاصة لا تكذب، لكنها لا تروي القصة كاملة”. وأوضح أن إسرائيل حققت مكاسب تكتيكية من خلال ضربات قوية لمواقعها النووية وتفوق استخباراتي، بينما استطاعت إيران كسب دعم الشارع الإسلامي وإظهار قدرتها على تهديد القواعد الأمريكية.

اختتم الزغبي بالقول: “الرابح الحقيقي هو من يكتب نهاية الحرب، وليس من يبدأها. نحن في مرحلة حساسة بتاريخ الشرق الأوسط، حيث يتم تحديد الكلمات الأخيرة في سماء طهران وتل أبيب. السؤال الآن: هل نحن أمام سلام هش أم انفجار مؤجل؟ قد لا نجد إجابة قريبًا، لكن ما نعرفه هو أن المنطقة على شفا الهاوية؛ إما أن تخمدها الدبلوماسية أو نتجه إلى الهاوية جميعًا”.

باحث سياسي: واشنطن لا ترغب بحرب طويلة.. ووقف إطلاق النار رسالة تهدئة وليس نهاية المواجهة

قال محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار يحمل دلالات مهمة، أولها أن الولايات المتحدة لا تريد أن تطيل أمد النزاع بين إيران وإسرائيل، خوفًا من خروج الوضع عن السيطرة وما يترتب عليه من أعباء تؤثر على مصالحها.

وأشار فوزي، في تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، إلى أن واشنطن قلقة من التداعيات الناجمة عن الهجمات الإيرانية المتكررة على الجبهة الإسرائيلية، مما دفعها للضغط باتجاه تهدئة الوضع. ورجح أن يكون الطرفان الأمريكي والإيراني قد اتفقا ضمنياً على قواعد اشتباك أدت إلى نهاية التصعيد الحالي، مما يدل على وجود نوع من التنسيق غير المباشر بينهما.

وأوضح فوزي أن إيران حاولت من خلال عمليتها الأخيرة إيضاح أنها الطرف الذي اختار إنهاء التصعيد، وأن لديها القدرة على استنزاف العدو إذا تطلب الأمر، من أجل تحقيق انتصار سياسي ومعنوي.

وأضاف أن ترامب يسعى لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية، موضحًا أن الرهان الأمريكي حالياً ينصب على الحلول غير المسلحة.

ومع ذلك، حذر فوزي من عدة تحديات تتعلق بهذا الإعلان، مثل التغيرات المعروفة في سياسات ترامب، وأفعال اليمين المتطرف داخل إسرائيل، وضعف الوقف الفعلي للحرب في قطاع غزة، الذي يعد نقطة الجذر للأزمة في المنطقة.

كما أشار إلى أن الاتفاق نفسه قد يتعرض للخروقات، كما حدث في الساعات الأولى بعد إعلانه، نتيجة عوامل تسعى لإفشاله أو ردود أفعال متهورة من أحد الأطراف دون تقييم للعواقب.