نقل موقع رويترز عن مصدر إيراني رفيع المستوى أن طهران أبدت استعدادها لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وذلك بوساطة نشطة من الدوحة وبناءً على اقتراح أمريكي.
وأوضحت المصادر أن هذه الخطوة جاءت بعد اتصال حاسم بين رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ومسؤولين إيرانيين، وذلك عقب ضربة صاروخية إيرانية استهدفت قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر، مما أدى إلى تكبد خسائر دون وقوع ضحايا، وبالتالي تسريع جهود التهدئة وفق ما أفادت به “تايمز أوف إسرائيل.”
تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد هذه الضربة، حيث أرسل رسالة إلى أمير قطر تفيد بأن إسرائيل قد وافقت على الهدنة.
طلب ترامب من الدوحة لعب دور فعال في إقناع إيران بتبني نفس القرار، فتواصلت الدوحة رسميًا مع طهران وقدمت لها السياق الكامل للاتفاق، مما أسفر في نهاية المطاف عن قبول إيراني، كما أفاد المصدر المطلع لوكالة رويترز.
وأعلن ترامب عبر حسابه على “تروث سوشيال” عن وقف “شامل وكامل” لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، على أن يبدأ التنفيذ خلال ست ساعات من وقت الإعلان، مع بدء التزام طهران أولاً ثم التزام إسرائيلي بعد 12 ساعة، مما يعني أن الحرب ستعتبر قد انتهت رسميًا بعد 24 ساعة.
الرد الإيراني، كما ذكر المصدر، جاء متوافقًا مع طلب قطر وأمريكا، مما يبرز قدرة الدوحة على أن تلعب دور الوسيط الفعال في أزمة غير مسبوقة. وقد ساهم هذا في تغيير الصورة النمطية للوساطة القطرية، لتشمل الجوانب الاستراتيجية والأمنية في النزاعات الإقليمية.
مع ذلك، لا يزال انتظار التأكيد الرسمي من الطرفين مستمرًا؛ حيث أشار المصدر إلى عدم صدور بيانات رسمية من طهران وإسرائيل حول مواعيد التطبيق أو التفاصيل الفنية للاتفاق، مما جعل الإعلان يتضمن بعض الغموض.
إذا تم تنفيذ وقف إطلاق النار كما هو معلن، فسيكون هذا تحولًا هامًا في مسار التهدئة الإقليمية، إذ سيتوقف التصعيد الذي أثبت فيه النظام الدفاعي الإيراني قدرته على الرد على الاعتداءات، في حين أظهر المجتمع الإسرائيلي جاهزيته لمواجهة تهديدات إيران.
ويُضاف إلى ذلك التنسيق الأمريكي-القطري الدقيق، مما يشير إلى وجود قنوات اتصال سرية تُدار بكفاءة بعيدًا عن التصريحات الرسمية.
في السياق الإقليمي، يمكن اعتبار ما حدث فصلًا جديدًا في تاريخ الوساطة الخليجية، خاصّة وأن الاتفاق يأتي متزامنًا مع جهود بحرينية وسعودية وسلطنة عمان للتهدئة منذ منتصف يونيو بعد شهور من القصف الغربي للمنشآت النووية الإيرانية وتصعيد طهران.
ومع ترقب المواقف الرسمية من طهران وتل أبيب، ستتجه الأنظار نحو إمكانية إنشاء آلية مراقبة أو تعيين مراقبين للتحقق من الالتزامات، أو تشكيل لجنة عسكرية تضم ممثلين عن الدول الوسيطة، مما يعزز فرص التوصل إلى هدنة ملموسة إذا التزم الطرفان بإطار تنفيذي محكم.
هذا التطور يوضح كيف استطاعت قطر، من خلال قنواتها الخارجية، أن تساهم في تحقيق وقف إطلاق النار بين الخصمين التاريخيين، مما يبرز دورها كأداة دبلوماسية تعتمد على القيادة الناعمة والتفاوض الفوري، مما يجعلها رافدًا للسلام الإقليمي. لكن القصة لم تنته بعد، إذ تحمل المرحلة المقبلة مفتاح نجاح جهود التهدئة.
تعليقات