استراتيجية روحية جديدة لتعزيز التعليم في الأزهر

صرّح الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن الآية القرآنية “وتزودوا فإن خير الزاد التقوى” تبرز نمطًا مميزًا في التعبير القرآني، يرتقي بالمفاهيم من السطح إلى العمق، ومن احتياجات الجسد إلى الروح، في تدرج عجيب يُعتبر منهجًا راقيًا في التربية والتعليم.

تفسير الآية “وتزودوا فإن خير الزاد التقوى”

وأوضح رئيس جامعة الأزهر، في تصريحات أدلى بها خلال برنامج تلفزيوني اليوم الجمعة، أن الله سبحانه وتعالى بدأ الآية بكلمة “تزودوا” التي تثير في الذهن عادة فكرة الزاد للمسافر من طعام وشراب، ثم فاجأنا بشيء غير متوقع وهو “التقوى”، التي تُعتبر الزاد الحقيقي، ليس للدنيا فقط، بل للآخرة أيضًا.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بتجسيد هذا المفهوم عمليًا، حيث كان إذا ودّع مسافرًا ويطلب منه أن يزوّده بشيء، يرد عليه بالقول: “زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ووجهك إلى الخير أينما كنت.”، مما يوضح العمق الروحي المستمد من الآية.

وأشار إلى أن هذا النمط القرآني يتكرر في آيات أخرى، مثل قوله تعالى: “يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا”، حيث يبدأ الذهن بفكرة اللباس الظاهري، ثم تتوجه الآية إلى القفزة العميقة بجملة “ولباس التقوى ذلك خير”، لتوجهنا نحو اللباس الحقيقي الذي يحمينا من عذاب الله.

وأكد أن هذا المنهج البياني يعلمنا كيف نرتقي في خطابنا وتربيتنا وسلوكنا، مشيرًا إلى أنه “إذا سألك أحد عن مسألة دنيوية بسيطة، لا تكتفِ بإجابة السؤال فحسب، بل حاول أن ترتقي به إلى مستوى أعلى، كما فعل القرآن، فأجب سؤاله ثم أضف: هل ترغب في معرفة ما هو أعظم؟”.

وبيّن أن هذه الآية لم تتكرر في القرآن سوى مرة واحدة، لكنها أصبحت مثالًا خالدًا يُستشهد به في كل موقف يتطلب الحديث عن الزاد الحقيقي، وهو زاد الروح: التقوى.