نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المراهقة مهى لم تنجرّ وراء Labubu... صوت مختلف وسط هوس جماعي (فيديو) - تواصل نيوز, اليوم الخميس 12 يونيو 2025 02:59 مساءً
تواصل نيوز - في وسط العاصمة الصينية بكين، بيعت دمية "لابوبو" نادرة من الجيل الأول مقابل 150 ألف دولار أميركي خلال مزاد خاص، حيث أعلن مدير المزاد بفخر: "تهانينا للمشتري عبر الإنترنت على اقتنائه اللعبة الوحيدة من نوعها في العالم!" هذه اللعبة التي أصبحت حديث جيل "زي" وانتشرت كعدوى رقمية بين الكبار والصغار على حد سواء، لم تكن مصدر إعجاب الجميع. من هنا، تبرز المراهقة مهى بصوت مختلف، هادئ لكنه واثق، لترفض الانجرار خلف موجة "الهوس الجماعي".
تطلّ ابنة الـ 13 عاماً، بابتسامة ساخرة ونبرة صريحة تعبّر فيها عن استغرابها من التعلّق الكبير بهذه اللعبة، لا سيما من قبل الراشدين. تقول بنبرة فيها الكثير من التساؤل: "تخيّلوا معي طفلاً صغيراً يستيقظ من النوم ليجد لعبة عيناها تضيئان... ما الذي قد يشعر به هذا الطفل؟ هذه هي لعبة لابوبو التي صار الكبار والصغار يقومون بفتح صناديقها وكأنها كنز".
وترى مهى أن الأمر ليس بهذه البراءة، إذ تضيف: "يظنّ البعض أن اللعبة الصغيرة لا تساوي شيئاً، ولكن في الحقيقة، ثمنها مرتفع، وهذه اللعبة تخلق مشاكل في الصرف عند الأطفال، أي مشاكل في الإنفاق. يتعلم الطفل أن عليه أن يشتري المزيد ليصل إلى أهداف داخل اللعبة، وهذا أمر غير صحي. علينا أن نعلّم أولادنا أن ليس كل شيء يمكننا امتلاكه، لأن في الحياة هناك ما هو صواب وخطأ".
وتطرح مهى تساؤلاً واضحاً: "هل أنتم فعلاً تحبّون هذه اللعبة؟ أم أنكم فقط تتابعون الترند؟"
وتلفت إلى خطورة الترويج من قبل المؤثرين لها: "المؤثرون، مثل ليسا وهايلي بيبر وكيم كارداشيان، باتوا ينشرون صوراً عن مجموعاتهم الخاصة من لابوبو. لكن هل ننسى أن هؤلاء يتقاضون المال مقابل الترويج لهذه اللعبة؟ هل نصدّق أنهم يحملونها فعلًا لأنهم يحبّونها؟"
وتتابع بأسف: "لو لم تكن لابوبو ترنداً، لما فكرت أصلاً في شرائها. من الذي يرغب فعلاً في اقتناء وحش؟"
تشرح مهى خلفية موقفها بالقول: "تنبّهت أن العديد من الأطفال ينجرفون وراء هذا الترند، والرأي الوحيد المتوفّر على مواقع التواصل الاجتماعي هو عن هذا الهوس والعشق للعبة لابوبو. قررت أن أخرج عن هذا السرب. أريد نشر التوعية لهؤلاء حتى يتنبّهوا لمخاطر دمية تبدو وكأنها دمية، لكنّها بالنسبة لي أكبر من ذلك".
وترى أن هذه الموجة ليست بريئة كما تبدو، إذ تضيف: "أعلم أن هناك من سينتقدني على رأيي. السوشيال ميديا تعمل على غسل دماغ الجمهور، لكن هناك جانباً آخر يتعمّد الناس تجاهله. اختلاف هذه الدمية عن جمالية الدمى المعتادة لا يتعلق بالشكل فقط، بل بالمفهوم. هذه اللعبة تؤثّر على شخصية الطفل والمراهق. أنا منفتحة على الإيجابيات في الحياة، وأؤمن بضرورة تقبّل الآخر بكل اختلافاته، ولكن ليس عن طريق لعبة تُجسّد عالم الوحوش".
وتختم بطرح تساؤل مشروع: "يمكننا تقديم هدية وابتكار دمية تشبه لابوبو في الألوان والقصص، ولكن بجمال ودفء، تُجسّد صورة جميلة عن الصديق الصامت الذي يأتي على شكل دمية... فلماذا اللجوء إلى دمية الوحش؟"
الاختصاصية في علم النفس الأسري رانيا سليمان تعلّق على موجة "هوس لابوبو" التي تباع في متجر الألعاب بوب مارت (Popmart)، وتقول لـ"النهار": "الانجراف الكلي وراء الترندات السطحية، مثل ظاهرة "الأنبوكسينغ" أو اقتناء الألعاب الرائجة، يعكس هشاشة نفسية واجتماعية لدى الأطفال والمراهقين، تنبع من شعور داخلي بعدم الكفاية أو الرغبة في الانتماء إلى جماعة. فالهدف لا يقتصر على امتلاك اللعبة بحد ذاتها، بل يتعدّاه إلى اختبار شعور بالقبول والاندماج ضمن محيط رقمي أو اجتماعي يفرض نمطاً استهلاكياً موحّداً. وفي غياب بيئة تشجع التعبير الفردي والنقد الذاتي، يتحوّل هذا التماهي إلى نمط سلوكي مستدام، تغذيه مشاهد المؤثرين ومقاطع "فتح العلب" التي توهم الطفل بأن السعادة تُقاس بما يشترى ويعرض ويقاس بعدد المشاهدات".
دمية Labubu (من حساب Popmart عبر إنستغرام)
وتشير سليمان في حديث لـ"النهار" أن "بعض الألعاب لم تعد مجرّد وسائل للترفيه، بل تحولت إلى أدوات لترسيخ صورة نمطية عن الجمال والنجاح. فالطفل الذي يُطلب منه تركيب وجه "مثالي" أو تطبيق مكياج على دمية على شكل "وحش" يبدأ بتكوين أفكار مبكرة عن الشكل المقبول والمرفوض، ما ينعكس سلباً على ثقته بنفسه وصورته الجسدية. وعندما ترتبط هذه الأفكار بتجربة تسوّق أو مشاركة اجتماعية عبر منصات التواصل، يتعمق تأثيرها. إذ يربط دماغ الطفل بين المتعة الفورية والقبول الاجتماعي، فتتشكل حلقة مفرغة من التوقعات والإحباطات، حيث لا يدوم الإشباع سوى موقتاً قبل أن يعود القلق من جديد".
تحذّر المعالجة النفسية من أن هذه الترندات قد تترك أثراً عميقاً وطويل الأمد على صورة الجسد لدى الطفل، ولا يمكن فصل ثقافة الاستهلاك السريعة عن تكوين المفاهيم الجمالية المبكرة. وتطرح تساؤلات هامة: من أين جاء هذا الكمّ الكبير من الأشخاص الذين يلجؤون إلى عمليات التجميل في سن مبكرة؟ أليس ما نزرعه اليوم من تصورات غير واقعية عن الشكل "المثالي" سيقود غداً إلى سلوكيات تجميلية جراحية تسوّق كترند جديد؟ هناك خطر تطبيع غير المألوف، وتحويله مع الوقت إلى معيار مرغوب، سواء على مستوى المظهر أو السلوك. فتتحول ملامح دمية كرتونية أو شخصية مؤثرة إلى هدف يُسعى إليه ويُحتذى به.
وتقول: "هنا تكمن الخطورة الحقيقية: ما نعتبره اليوم تقليداً عابراً قد يصبح قاعدة تُعمّم على سلوكيات أكثر خطورة. لذا، تؤكد المعالجة على ضرورة الانتباه إلى أبعاد هذه الظواهر وعدم الاستهانة بها، لأن إدخال جيل كامل في هذا النمط من التفكير والسلوك قد يخلق هوة بينه وبين واقعه، ويغيب عنه قيمه وخصوصياته الثقافية والاجتماعية التي يجب احترامها وصونها".
ولذلك، تشدد على أهمية دور الأهل في تعزيز قدرة أطفالهم على التفكير النقدي والتعبير عن ذواتهم بحرية، بعيداً عن ضغط التنميط الاستهلاكي، من خلال بناء حوار مفتوح حول قيم الجمال الحقيقية والتفرد، وتنمية مهارات الوعي الذاتي والاحترام الذاتي. فالأهل هم الحصن الأول والأخير في مواجهة موجات الترندات العابرة، والقادرون على توفير بيئة آمنة تشجع على النمو النفسي السليم والقبول الذاتي بعيداً عن السطحية.
0 تعليق