ترتيبات أمنية جديدة في طرابلس بعد صدامات دموية: هدنة موقتة أم إعادة ترتيب أوراق؟ - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترتيبات أمنية جديدة في طرابلس بعد صدامات دموية: هدنة موقتة أم إعادة ترتيب أوراق؟ - تواصل نيوز, اليوم الخميس 12 يونيو 2025 08:27 صباحاً

تواصل نيوز - في خضم توتر أمني حاد تعيشه العاصمة الليبية منذ نحو شهر، شكّل قرار المجلس الرئاسي بتأسيس لجنتين، إحداهما لإعادة ترتيب الوضع الأمني في طرابلس، والثانية ذات طابع حقوقي لمراجعة أوضاع السجون، تطوراً لافتاً أثار جدلاً واسعاً بشأن جديته في نزع فتيل التوتر ومنع تكرار الصدام.

فبعد نحو ثلاثة أسابيع من اشتباكات هي الأعنف في قلب العاصمة منذ سنوات، بين مجموعات مسلحة موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وأخرى مناوئة، على رأسها ما يُعرف بـ"جهاز الردع"، جاء تشكيل اللجنة الأمنية برئاسة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وعضوية ممثلين عن "الردع"، ووزارتي الداخلية والدفاع، والمنطقة العسكرية الساحل الغربي، ما أثار تساؤلات عما إن كانت الخطوة مجرد هدنة موقتة أم بداية لإعادة هيكلة المشهد الأمني المرتبك.

وزاد من تعقيد المشهد استمرار التحشيدات العسكرية الموالية للدبيبة القادمة من خارج العاصمة، وفشل وساطة تركية قادها رئيس الاستخبارات إبراهيم كالين لرأب الصدع بين الدبيبة وقائد "الردع" عبد الرؤوف كارة.
وأطلق رئيس الحكومة المركزية تصريحات عقب مغادرة كالين، تضمّنت ملاسنة غير مباشرة بحق كارة، مؤكداً أن العملية الأمنية التي نفذتها الحكومة منتصف الشهر الماضي كانت "بداية فعلية لاستعادة سلطة الدولة، بلا شراكة مع أي قوة موازية"، متعهداً بالمضي في خطته لحلّ "أيّ جسم خارج وزارتي الدفاع والداخلية".

كذلك، دعا وزير الداخلية عماد الطرابلسي، في الإيجاز الصحافي نفسه، إلى "حل جميع الأجهزة الأمنية دون استثناء أو اعتبارات، مع الترحيب بدمج عناصرها من الشباب في صفوف الجيش والشرطة"، مبدياً استعداده لحل جهاز "الأمن العام ودعم المديريات" الذي يقوده شقيقه عبد الله الطرابلسي، الذي اتُّهم عناصره بعمليات نهب واسعة في أعقاب الاشتباكات بمنطقة أبو سليم.


وإن رحبت وزارة الداخلية بقرار المجلس الرئاسي، معتبرةً أن هدفه "ترسيخ الأمن والاستقرار في طرابلس، وبسط سلطة الدولة، وإخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة، وتمكين الأجهزة الشرطية من أداء دورها"، فقد أكد "جهاز الردع" بدوره دعمه لتشكيل اللجنة، معتبراً القرار "ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار وضمان عودة الهدوء"، دون أن يشير إلى تفكيك معسكراته أو تسليم سلاحه، بل أكد "الاستعداد التام للتعاون مع الأجهزة الأمنية، والالتزام الكامل بتنفيذ ما يُسند إلينا من مهام"، في إشارة إلى أنه يعدّ نفسه شريكاً في تنفيذ الخطة الأمنية وليس خصماً تُطبق عليه.

 

 

ويُوضح المستشار العسكري والاستراتيجي العميد عادل عبد الكافي، لـ"النهار"، أن "للمجلس الرئاسي دوراً أصيلاً في حل الإشكاليات الأمنية التي تعاني منها العاصمة طرابلس، فمنذ عهد رئيس المجلس السابق فائز السراج، صدرت قرارات بتبعية بعض التشكيلات المسلحة إلى المجلس مباشرة، ما منحها صلاحيات ونفوذاً أعلى من رئاسة الأركان ووزارة الداخلية، وأدى إلى تداخل في الصلاحيات والمهام، ما قوّض المشهد الأمني في العاصمة. لذا، فالرئاسي جزء أساسي في وضع الترتيبات الأمنية، لإعادة هيكلة تبعية هذه التشكيلات لتخضع لرئاسة الأركان والداخلية".


لكنه يُشكّك في جدوى تشكيل اللجان، مشيراً إلى أنه "منذ سنوات كانت هناك خطة أممية لفلترة عناصر التشكيلات المسلحة وإعادة دمجها على أسس علمية، إلا أن قرارات السراج أربكت تلك الخطة. اللجان تضع اقتراحات وتوصيات، لكن من يمتلك مفاتيح إنهاء الأزمة فعلياً هو المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، القادر على إصدار القرارات أو إلغائها".

ودافع عبد الكافي عن تمثيل "جهاز الردع" في اللجنة الأمنية، معتبراً أن "الجهاز لديه شرعية بقرار من المجلس الرئاسي، وبالتالي لن تُثمر أي ترتيبات أمنية داخل العاصمة من دون أن يكون ممثلاً فيها. هذه الخطوة تُعد عملية مهادنة من الجميع لدفع طرابلس نحو الاستقرار".

أما عن الوساطة التركية، فيشير إلى أن أنقرة "تمتلك مذكرة تفاهم مع ليبيا، بشق أمني وآخر اقتصادي، وتبقى طرفاً فاعلاً في المنطقة الغربية، وتسعى بجدية لاستعادة الهدوء من خلال تمثيلها العسكري وزيارات مسؤوليها"، مضيفاً: "قامت تركيا بعدة خطوات للحفاظ على الاستقرار، ويمكنها القيام بدور مهم في تهدئة الصدام من خلال الإطار الدولي وتوجيه الرسائل بضرورة تفادي المواجهات مجدداً".

ويشير الباحث في الشؤون السياسية والأمنية وسام عبد الكبير، لـ"النهار"، إلى أن قرار تشكيل اللجنة الأمنية "يهدف إلى إعادة تنظيم القوات داخل العاصمة، وإخراجها من قلب المدينة، إلى جانب تشكيل لجنة حقوقية لمعالجة أوضاع السجناء والنظر في أوضاعهم القانونية، وقد بدأت اللجنة بالفعل مهامها، وأفرجت عن عدد من السجناء قبل عطلة عيد الأضحى".

لكنه في المقابل، يؤكد أن الأوضاع "لا تزال مشحونة، والتحشيدات مستمرة، والهدنة هشة، واحتمال عودة الصدام في طرابلس وارد. قرارات إخلاء العاصمة من الكتائب المسلحة تتكرر مع كل اشتباك، لكنها تفشل على الأرض لأن ما يُعقد من اتفاقات يهدف إلى التهدئة المؤقتة لا إلى تسوية نهائية".


ويتفق عبد الكبير مع عبد الكافي بشأن تمثيل "الردع" في اللجنة، قائلاً: "هو يتبع رسمياً للمجلس الرئاسي، وكان طرفاً رئيسياً في صدامات الشهر الماضي، وبالتالي فإن أي ترتيبات أمنية جديدة يجب أن يشارك فيها، رغم الحساسية القائمة بينه وبين الحكومة المركزية". ويختم قائلاً: "خسارة التشكيلات المسلحة لمواقعها داخل العاصمة تعني خسارة نفوذها، وبالتالي فإن أي تغير في خريطة السيطرة قد يؤدي إلى انتكاسة لها، ويُسهل عملية القضاء عليها".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق