نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثقافة الألم - تواصل نيوز, اليوم الخميس 12 يونيو 2025 03:06 صباحاً
تواصل نيوز - ربيع نصر
تعوّدنا على الألم وتآلفنا مع المعاناة, فأدوية السرطان مفقودة ومسروقة وثمنها باهض, وهي محرمة على المرضى اللبنانيين إلا الأثرياء منهم.
هي ثقافة لبنانية نادرة تكاد تكون منقطعة النظير في العالم، أن نتحمّل الألم ونتكبّد المعاناة في كل أحوال حياتنا ليبقى الزعيم وتبقى الطائفة مرفوعة الرأس وأيّ رأس يكون للطائفة إلا زعيمها؟!
أن نموت على أبواب المستشفيات فقراً أو بداخلها إهمالاً هو أمر عادي في لبنان. أما الجريمة فنرتكبها إذا تكلمنا عن ألمنا ورفعنا الصوت بوجه المستشفيات التابعة لهذا الزعيم أو ذاك لأننا سنمسّ بقدسية هذا الزعيم المعطر المصلى والمعصوم عن الخطأ برأي مناصريه.
إنه لأمر عادي أن نفقد كل يوم من أحبائنا على الطرقات المظلمة وغير المعبدة والفاقدة لأدنى معايير السلامة، أما الأمر الجلل فهو أن نطالب بمحاسبة الجهات المعنية التي لزمت لشركة تابعة للزعيم فلان بدورها لزمت لشركة أخرى مشروع صيانة الطرقات بعُشر المبلغ المرصود. فصاحب المعالي المسؤول شخصية مقدسة فوق العقاب ممثل لزعيم مقدس معصوم.
نعم نحن شعب لا يُهزم ويحب الحياة ويستسلم ولكن أخشى أن تكون هذه الصفات هروباً من الألم الذي بتنا نتحمّله بسرور ليحيا الزعيم والطائفة فنحن من نردّد "بالروح بالدم نفديك يا زعيم".
هناك أكثر من مئتي مواطن من اللبنانيين افتدوا بأرواحهم كل زعماء لبنان وخرافهم في ٤ آب/ أغسطس سنة 2020 وكانت جريمة أهالي الضحايا أنهم اعتصموا وطالبوا بالعدالة ورفعوا الصوت، طبعاً يجب سجنهم بنظر أصحاب المعالي المقدسين والزعماء المعصومين لأنهم لم يتحلوا بالصبر الكافي لتحمّل الألم بصمت ونسيان أحبائهم أي إنهم تجرّؤوا وخالفوا مفهوم ثقافة الألم الصامت وطالبوا بمحاسبة موظفين ومسؤولين مقدسين.
لبنان مهد الحضارات ومصدر الثقافات، كان ولا يزال منارة للعلم وصلة وصل الماضي بحضاراته المشرفة التي صدّرت الحرف واللون والثقافة لأصقاع الأرض بالحاضر والمستقبل الواعد فقط بالأمل الكبير الذي يملأ صدر كل لبناني.
أرجوكم يا أبناء وطني أنيروا العالم بثقافة الأمل كما تعودتم لا ثقافة الألم التي فُرضت عليكم فأنتم من يقرر موقع الميم وموقع حرف اللام وكونوا هذه المرة أيضاً منارة للأمل لا للألم.
0 تعليق