الحوار بين اتباع الأديان: من إرث البابا فرنسيس إلى آمال العهد الجديد - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحوار بين اتباع الأديان: من إرث البابا فرنسيس إلى آمال العهد الجديد - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 09:54 مساءً

تواصل نيوز - إيلديكو إيليا

في عالمٍ تتزايد فيه الصراعات ذات الطابع الديني، يبرز الحوار بين الأديان كجسر ضروري لبناء التفاهم وتعزيز السلام. من ميانمار، حيث تعرّض المسلمون الروهينغا للاضطهاد، إلى نيجيريا التي تشهد نزاعات دامية بين جماعات مسيحية ومتشددة، وصولاً إلى التوترات المتكررة بين المسلمين والهندوس في الهند، وغيرها من الصراعات الدينية المقنّعة كما في الأراضي المقدسة. تبيّن هذه الوقائع خطورة غياب التفاهم بين أتباع الديانات. في المقابل، تشكّل مبادرات كـ"وثيقة الأخوّة الإنسانية"، ومنتديات الحوار بين الأديان، نماذج مضيئة يمكن أن تُحدث فرقاً حقيقياً. فبالحوار تُبنى جسور الثقة، ويُعاد للإنسانية صوتها العاقل وسط ضجيج الانقسام والتطرف.

في مكتبها في معهد الدراسات الإسلامية والمسيحية في جامعة القديس يوسف في بيروت، وسط رفوف مكتظة بالكتب عن الفقه المقارن، اللاهوت، والفكر الديني المعاصر. من خلف نافذة تُشرف على قلب بيروت المتعب، دار الحديث مع البروفيسورة رولا تلحوق، مديرة المعهد، حول الحوار بين أتباع الأديان، كواحد من أكثر القضايا إلحاحًا في زمننا.

الحوار: ضرورة لا ترف
أكدت تلحوق منذ البداية أن الحوار الديني لم يعد ترفاً فكرياً أو تمريناً نخبوياً، بل صار "ضرورة وجودية في عالم يزداد انقساماً". في ظل التصاعد المستمر للنزاعات الدينية والتوترات الثقافية، بات العالم بأمسّ الحاجة إلى مساحات مشتركة، إلى "لغة تُنصت، لا تتهم"، وإلى "أدوات تُقرّ بالاختلاف من دون أن تُقصي الآخر".

البابا فرنسيس: رجل الرسائل العملية
عندما تطرق الحديث إلى تجربة البابا فرنسيس، انفتح وجه الحقّ بحماس لافت. "لقد قدّم نموذجاً فريداً"، تقول تلحوق، مضيفة أن هذا البابا لم يتعامل مع الحوار كعنصر بروتوكولي، بل كمكوّن جوهري في رسالته اللاهوتية والإنسانية.
أبرز تعبير عن هذا التوجّه، بحسبها، كان توقيعه على وثيقة "الأخوّة الإنسانية" مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في أبو ظبي عام 2019. "لم تكن مجرّد بيان نوايا"، توضح، "بل إطار عمل أخلاقي وروحي، دعانا جميعًا – مؤمنين وغير مؤمنين – إلى نبذ العنف وبناء عالم أكثر عدالة وسلاماً".

اللقاء لا يُضعف الإيمان
تُشير تلحوق إلى أن ما ميّز البابا فرنسيس هو انخراطه العملي في الحوار، لا الاكتفاء بخطابات المجاملات. من زيارته التاريخية إلى العراق وصلاته في أور، مروراً بلقائه بالمؤسسات الدينية في المغرب وتركيا، كان يحمل رسالة واحدة: أن اللقاء مع الآخر لا يُضعف الإيمان، بل يعمّقه؛ وأن المحبّة لا تُفرّق، بل تُوحّد في ما هو جوهري وإنساني.

مخاوف وتساؤلات في ظل العهد الجديد
مع انتخاب البابا لاون الرابع عشر، تعترف تلحوق بوجود "تساؤلات مشروعة"، هل سيتابع البابا الجديد هذا النهج؟ أم سنشهد تراجعاً نحو خطاب أكثر تحفظاً؟
من موقعها الأكاديمي واللاهوتي، تؤكد أن المطلوب ليس الحفاظ على الإرث الذي تركه فرنسيس فحسب، بل تعزيزه وتوسيعه. فالتحديات الحالية – من تصاعد الشعبوية، مرورًا بالتطرّف الديني، وصولًا إلى النزعات القومية – تفرض على الكنيسة أن تبقى منفتحة، حاضرة وفاعلة في الساحات الإنسانية.

حوار لا يُبنى في المؤتمرات 
"الحوار الحقيقي لا يُبنى في المؤتمرات الدولية، بل في الجامعات، في الأحياء، في الفصول الدراسية"، تقول تلحوق بثقة. ففي معهد الدراسات الإسلامية والمسيحية، تتحقق هذه الرؤية بشكل يومي، حيث يجتمع طلاب من خلفيات دينية متعددة، يطرحون الأسئلة ويتفاعلون بحرية ومسؤولية.
بالنسبة إليها، هذا التفاعل هو النموذج الحيّ الذي يجب أن يُحتذى: "أن نعيش التعددية كرافعة، لا كعائق".

من بيروت إلى الفاتيكان: نداء من أجل الجسور
تختم مديرة المعهد حديثها بنداء مفتوح إلى البابا الجديد: أن يجعل من الحوار بين أتباع الأديان والثقافات أولوية رعوية، لا بنداً هامشياً. ففي زمن تكثر فيه الأسوار، نحن بحاجة إلى جسور.

من بيروت – هذه المدينة التي اختبرت الألم لكنها ما زالت تؤمن بالرجاء – ينبثق صوتٌ أكاديمي ولاهوتي واحد: الحوار ليس خيارًا، بل واجب إنساني، اليوم أكثر من أي وقت مضى. وتبقى الأنظار على المؤتمر المسيحي - الاسلامي الذي سيعقد في حاضرة الفاتيكان من 3 الى 7 ايلول المقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق