غريتا ثونبرغ... الخصم غير المتوقّع في معركة الرواية الإسرائيليّة - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غريتا ثونبرغ... الخصم غير المتوقّع في معركة الرواية الإسرائيليّة - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 08:31 صباحاً

تواصل نيوز - لا تثير سفينة "مادلين" التي اعترضتها البحرية الإسرائيلية قبالة سواحل غزة قلق تل أبيب لمجرد محاولتها كسر الحصار المفروض على القطاع، بل لأن على متنها ناشطة بيئية تحوّلت إلى أيقونة عالمية: غريتا ثونبرغ.


هذا الظهور الإعلامي للناشطة السويدية البالغة من العمر 22 عاماً، والمعروفة بمواقفها المناصرة للفلسطينيين، بات مصدر إزعاج واضح لإسرائيل، التي أطلقت حملة دعائية واسعة لتقويض صورة السفينة وركّابها. وبينما تمكّنت من السيطرة على "مادلين" ونقل ركّابها إلى ميناء أسدود، انشغلت أذرع تل أبيب السياسية والإعلامية والعسكرية بإنتاج سردية بديلة، تصف الرحلة بـ"الاستفزاز الإعلامي" وتهاجم ثونبرغ بوصفها "عدوة للسامية" لا تستحق أن تكون مصدر إلهام لجيل الشباب.

 

"الردع الدعائي"

ورأت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن الدعاية الرسمية أحرزت نجاحاً جزئياً في هذه الجولة، إذ أثارت "مادلين" اهتمام وسائل الإعلام الدولية قبيل مغادرتها السواحل الإيطالية، لكن تغطية احتجازها رسمت مشهداً إعلامياً مختلفاً عن الحملات السابقة. ففيما عانت إسرائيل في الماضي فشلاً في تسويق روايتها إعلامياً، بدا أن وزارة الخارجية هذه المرة استبقت الحدث بتحركات منظمة عبر نشر مقاطع فيديو وصور تظهر "حُسن تعامل" الجنود الإسرائيليين، وبيانات صحافية وصلت بسرعة إلى منصات الأخبار الدولية.


وظهرت عناوين مثل "إسرائيل تعترض سفينة ناشطين مؤيدين لغزة" في عدد من وسائل الإعلام الأجنبية، لكنها ترافقت مع سردية إسرائيلية موجّهة، تضمنت تفاصيل عن إيصال المياه والطعام للركاب، و"مساعدة" الجيش الإسرائيلي لهم، مقابل الإشارة إلى أن السفينة لم تحمل سوى كمية رمزية من الإمدادات مقارنة بما يُدخل من المعابر يومياً. واستخدمت الخارجية هذه الحجّة لمصلحتها في محاولة لتقويض الهدف الإنساني للسفينة، وتصويره كأداة إعلامية لا أكثر.


وقال العميد الاحتياط آفي بنياهو، الناطق الأسبق باسم الجيش الإسرائيلي إبان حادثة سفينة "مرمرة"، إن السماح لهذه القوافل بالوصول إلى غزة "يفتح الباب أمام تكرارها مستقبلاً"، مشدداً على أهمية "الردع الدعائي" عبر السيطرة على السفينة ومنعها من البث المباشر.

 

إسرائيلية تطالب بإطلاق سراح النشطاء الذين كانوا على متن السفينة

 

غريتا ثونبرغ: هدف مباشر للحملة

ولم تفوّت الحكومة الإسرائيلية ووسائل إعلامها الفرصة للنيل من الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، التي أصبحت رمزاً عالمياً في قضايا المناخ والعدالة الإنسانية. منذ بداية الحرب على غزة، عبّرت ثونبرغ بوضوح عن دعمها للفلسطينيين، مؤكدة أن "لا عدالة مناخية من دون عدالة إنسانية". وشاركت في تظاهرات، رافعةً لافتات مثل "أوقفوا المحرقة".


ردّ إسرائيل لم يقتصر على الهجوم الإعلامي، بل شمل قرارات رسمية، إذ أزالت وزارة التعليم الإسرائيلية أي إشارة إلى ثونبرغ من مناهجها الدراسية، بحجة أنها لم تعد تُعد نموذجاً يُحتذى. ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" السفينة بأنها "يخت المشاهير"، فيما نشرت وزارة الخارجية تغريدات وصوراً تصف الناشطين بأنهم "مستفزون يحاولون إحراج إسرائيل وجيشها"، وأن السفينة "ليست أكثر من خدعة علاقات عامة". وأصدرت الوزارة بياناً قالت فيه: "في وقت تدخل آلاف الشاحنات من إسرائيل إلى غزة، تأتي سفينة صغيرة لا تحمل حتى حمولة شاحنة واحدة، بهدف افتعال ضجة إعلامية بمساعدة مؤثرين وصحافيين، بينهم مراسل الجزيرة، وليس لتقديم مساعدات حقيقية".

 

من يربح معركة الصورة؟

على الرغم من السيطرة الميدانية الإسرائيلية على "مادلين"، فإن معركة الرواية لا تزال مفتوحة. إسرائيل نجحت هذه المرة في إدخال خطابها إلى تقارير وكالات كبرى، لكن التفاعل الشعبي العالمي، لا سيما في أوساط الناشطين البيئيين وحقوق الإنسان، كشف أن حملة التضليل لم تمر من دون مقاومة. فقد لاقت صور غريتا ثونبرغ على متن السفينة تضامناً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبر ناشطون أنها تسلّط الضوء على التواطؤ الغربي مع العدوان الإسرائيلي، وتُعيد ربط العدالة المناخية بالعدالة الإنسانية.


في المقابل، حرصت إسرائيل على استغلال الصور والفيديوات بما يعيد صياغة الواقع: جنود يقدّمون الطعام، نشطاء "مستفَزون"، سفينة لا تحمل مساعدات بل "كاميرات وهواتف". هذه السردية تخدم هدفاً مركزياً: نزع الشرعية عن التضامن مع غزة، وتحويل أي فعل رمزي إلى استفزاز إعلامي، ومن ثم تسويغه أمنياً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق