تواصل نيوز - في عصر يتسم بالتحول الرقمي المتسارع، تبرز أهمية الأمن السيبراني كعامل أساسي لحماية المجتمعات والدول. فالتكنولوجيا لم تعد تقتصر على كونها وسيلة رفاهية، بل أصبحت حاجة ملحة تستوجب استجابة فورية لحماية المعلومات والبنى التحتية من تزايد التهديدات السيبرانية التي تستهدف الأنظمة والبيانات، وأحيانًا تعصف بالثقة العامة وسيادة الدول.

تتجه مصر بخطى ثابتة لمواجهة هذه التحديات من خلال إنشاء منظومة متكاملة للأمن السيبراني تحت قيادة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. تتجلى هذه المنظومة في مفهوم المسؤولية الجماعية، حيث تتطلب مواجهة المخاطر السبرانية تعاون الأفراد والمؤسسات على حد سواء. تُظهر التقارير الدولية أن العالم يشهد هجمة سيبرانية واحدة كل 11 ثانية، في حين تُقدَّر تكاليف الجرائم السيبرانية بحوالي 9.5 تريليون دولار بحلول عام 2024، مما يضاعف من ضرورة اتخاذ تدابير فورية لمواجهة هذه التهديدات.

في إطار ذلك، تُعَدُّ استراتيجية الأمن السيبراني الوطنية 2023 – 2027، التي أعدها المجلس الأعلى للأمن السيبراني، بمثابة الإطار الشامل لجهود مصر في هذا المجال. تشمل الاستراتيجية تعزيز التشريعات، تطوير البنية المؤسسية، زيادة الوعي المجتمعي، وبناء قدرات دفاعية قوية، إلى جانب دعم البحث العلمي والابتكار والتعاون الدولي. وتهدف وزارة الاتصالات من خلال هذه الاستراتيجية إلى تأمين البنية التحتية للاتصالات والمعلومات وإنشاء جدار صد متكامل ضد التهديدات الرقمية.

تُعتبر الكوادر البشرية الدعامة الأساسية في جهود الأمن السيبراني، حيث تسعى الوزارة لسد الفجوة العالمية في العدد المطلوب من المتخصصين في هذا المجال، والتي تقدر بنحو 3.5 مليون وظيفة شاغرة. تُعَدُّ مبادرة “مهارات سيبرانية” من بين البرامج المبتكرة التي تستهدف تأهيل ألف طالب جامعي سنويًا، وتحقق نتائج توظيف مرتفعة تصل في بعض الحالات إلى 100% قبل انتهاء البرنامج، مما يعكس الطلب الكبير على الخبراء في هذا القطاع.

لا تقتصر جهود الوزارة على تدريب المتخصصين فحسب، بل تتضمن حملات توعية وورش عمل تستهدف المواطنين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة، لرفع الوعي حول أهمية الأمن السيبراني ووسائل الحماية من التهديدات. لقد أصبح الأمن السيبراني موضوعًا مجتمعيًا يتطلب مشاركة الجميع وتعزيز الوعي الكافي.

على صعيد التعاون الدولي، تعزز وزارة الاتصالات علاقاتها مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وتساهم في صياغة الاتفاقيات العالمية مثل الاتفاقية الدولية للحد من الجرائم الإلكترونية. وقد وقعت مصر عدة اتفاقيات لتبادل المعلومات والخبرات وبناء قدرات وطنية قادرة على التعامل مع الهجمات المعقدة والعابرة للحدود.

تمضي مصر نحو تحقيق مجتمع رقمي آمن بجهود متكاملة وشراكات متعددة الأطراف تهدف إلى خلق بيئة سيبرانية قادرة على حماية الأفراد والمؤسسات وتعزيز الثقة في العالم الرقمي. ومع استمرار الوزارة في تنفيذ رؤيتها، يبقى الأمن الرقمي أولوية تستلزم التزام الجميع في مواجهة التهديدات التي لا تعترف بالحدود.

إتبعنا