تواصل نيوز - في عصر يشهد تسارعًا ملحوظًا للتحول الرقمي عالمياً وزيادة الاعتماد على التقنيات الذكية في إدارة المؤسسات والخدمات، يبرز الأمن السيبراني كعنصر أساسي لحماية المجتمعات والدول. لم يعد التحول الرقمي خيارًا بل ضرورة تفرضها متطلبات التنمية، وهو ما يرافقه تصاعد في التهديدات السيبرانية التي تستهدف المعلومات والأنظمة، وتمتد لتؤثر على الثقة العامة واستقرار الدول.

مصر تتبنى هذا الاتجاه العالمي من خلال تطوير منظومة متكاملة للأمن السيبراني بإشراف وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث تعتبر حماية الفضاء الرقمي مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف الأفراد والمؤسسات. مع تزايد الهجمات الإلكترونية، تشير التقارير إلى أن المتوسط العالمي للهجمات يصل إلى هجمة واحدة كل 11 ثانية، مما يُظهر أن التصدي لمخاطر الأمن السيبراني أصبح أولوية وطنية ملحة.

تعتبر استراتيجية الأمن السيبراني الوطنية للفترة من 2023 إلى 2027، التي وضعها المجلس الأعلى للأمن السيبراني، الإطار الذي ينظم جهود الدولة في هذا المجال. تشمل الاستراتيجية محاور متعددة، بدءًا من تعزيز التشريعات وصولاً إلى رفع الوعي المجتمعي وبناء قدرات دفاعية قوية، ودعم البحث العلمي والابتكار والتعاون الدولي. تسعى وزارة الاتصالات من خلال هذه الاستراتيجية إلى حماية البنية التحتية للاتصالات والمعلومات من خلال إنشاء دفاع متكامل ضد التهديدات الرقمية.

في صميم هذه الجهود تأتي الكوادر البشرية، حيث تعمل وزارة الاتصالات على سد الفجوة العالمية في عدد المتخصصين في مجال الأمن السيبراني، والتي يُقدر عدد وظائفها الشاغرة بنحو 3.5 مليون وظيفة. من خلال مبادرات تدريبية مثل “مهارات سيبرانية”، تهدف الوزارة إلى تأهيل 1000 طالب جامعي سنويًا، وقد أثبتت هذه البرامج نجاحها في تحقيق نسب توظيف مرتفعة تصل في بعض الحالات إلى 100% قبل انتهاء البرنامج، وذلك بسبب الطلب الكبير على هذه الكفاءات.

ولا تقتصر جهود الوزارة على تدريب المتخصصين؛ بل تمتد أيضًا لتشمل توعية عموم المواطنين والعاملين في الحكومة بالطرق الفعالة لمواجهة التهديدات الرقمية. لقد أصبح الأمن السيبراني موضوعًا مجتمعيًا يتطلب وعياً جماهيرياً واسعاً، حيث تضطلع الوزارة بدور كبير في الحملات التوعوية وورش العمل.

على الصعيد الدولي، تسعى وزارة الاتصالات لتعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين والمشاركة في وضع الاتفاقيات العالمية لمكافحة الجرائم الإلكترونية. وقد قامت مصر بتوقيع عدة اتفاقيات في هذا السياق لتبادل المعلومات والخبرات، وبناء قدرات وطنية قادرة على مواجهة الهجمات المعقدة والمتعددة الجنسيات.

تواصل مصر جهودها نحو مجتمع رقمي آمن من خلال خطوات مدروسة وشراكات متعددة الأطراف، مع العمل على بناء بيئة سيبرانية تستطيع حماية أمن الأفراد والمؤسسات وتعزيز الثقة في الفضاء الرقمي. ورغم هذه التحديات، تظل حماية الأمن الرقمي أولوية تتطلب مشاركة الجميع في مواجهة تهديدات تستهدف الأمان الرقمي بلا حدود.

إتبعنا