نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"من عمّان إلى المونديال: خارطة التحوّل الذكي لكرة القدم الأردنية في عصر الذكاء الاصطناعي - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 04:01 مساءً
إنّ استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة في تطوير كرة القدم الأردنية يمثل قفزة نوعية في المنهجيات التدريبية الحديثة، ويشكّل مدخلًا استراتيجيًا نحو بناء منتخبات أكثر كفاءة واستدامة في الأداء، ولم يعد التدريب يعتمد فقط على الكفاءة الفردية للمدرب أو موهبة اللاعب، بل بات علم البيانات وتحليل المعلومات وتكنولوجيا الحوسبة التنبؤية حجر الزاوية في التخطيط الرياضي. في هذا السياق، يُمكن تقسيم الاستخدامات التقنية إلى عدة محاور مترابطة، تبدأ من مرحلة انتقاء المواهب ولا تنتهي عند تحليل أداء المنتخب خلال المباريات الدولية.
أولًا، يعمل الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات التاريخية واللحظية المتعلقة بأداء اللاعبين، وسلوكهم في الملعب، ومدى استجابتهم للتكتيك. يمكن استخدام خوارزميات التعلم الآلي لرصد الأنماط الدقيقة التي لا يلاحظها حتى أفضل المدربين، مثل أنماط التمرير غير التقليدية، أو المساحات التي يميل اللاعب لاستغلالها تحت الضغط، أو التنبؤ بإجهاد اللاعب قبل أن يشعر به جسديًا. وباستخدام الذكاء التنبؤي (Predictive Analytics)، يمكن تصميم برامج تدريب مخصصة لكل لاعب تتناسب مع قدراته ونقاط ضعفه، كما يمكن تطوير سيناريوهات واقعية للمباريات والتكتيك بناء على تحليل سلوك الفرق المنافسة، ما يعزز من قدرة المنتخب الأردني على التخطيط الاستراتيجي قبل وأثناء البطولات الكبرى مثل كأس العالم.
أما إنترنت الأشياء (IoT) فيلعب دورًا رئيسيًا في الربط بين الحقل والمعلومة، من خلال استخدام أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء (Wearable Sensors)، مثل شرائط اللياقة البدنية الذكية أو القمصان المزودة برقائق دقيقة، يمكن قياس معدل ضربات القلب، والسرعة القصوى، وعدد الكيلومترات المقطوعة، ونمط الجري، وتوزيع الجهد البدني، بل وحتى نسب التعرّق ومعدلات التنفس. هذه البيانات تُجمع لحظيًا وتُحلّل عبر خوادم مخصصة توفر تغذية راجعة فورية للطاقم الفني، بحيث يتم تعديل البرنامج التدريبي أو الاستراحة بين الحصص وفقًا للمعطيات الواقعية. ويمكن أن تمتد فوائد IoT إلى إدارة المنشآت الرياضية، من خلال تحسين ظروف الإضاءة، التهوية، والراحة البيئية بما يتماشى مع أفضل مستويات الأداء.
في السياق ذاته، تُعدّ البيانات الضخمة (Big Data) الأساس التحتي الذي تقوم عليه معظم هذه العمليات الذكية، من خلال بناء قواعد بيانات شاملة تشمل المعلومات الفنية، البدنية، النفسية، والاجتماعية لكل لاعب، ومقارنتها مع آلاف اللاعبين حول العالم، يمكن إنشاء نموذج تصنيف وتطوير يضع اللاعب الأردني في سياقه الواقعي ويحدد بدقة مدى قابليته للتطور، والبرنامج الأنسب له. بل ويمكن استخدام تحليل المشاعر من خلال الذكاء الاصطناعي على المقابلات الصحفية أو تعليقات الجماهير لرصد الانعكاس النفسي للأداء العام على اللاعبين، وتقديم دعم نفسي مبكر لهم. ومع تقدم أدوات الحوسبة السحابية، يمكن مشاركة هذه البيانات آنيًا بين المدرب، المحلل، الطبيب، وأخصائي التغذية، مما يُشكل بيئة رياضية متكاملة وذكية.
أما فيما يخص الاستفادة من المدارس التدريبية المختلفة، فهنا تكمن أهمية الجمع الذكي بين الخصوصية الأردنية وبين الممارسات الفضلى عالميًا. على سبيل المثال، يمكن استلهام قوة الانضباط والتكتيك الدفاعي من المدرسة الإيطالية، وديناميكية التناقل السريع للكرة والضغط العالي من النموذج الألماني، ومرونة التوزيع التكتيكي والقدرة على إعادة التموضع من المدرسة الإسبانية، والمهارات الفردية الهجومية من التجربة البرازيلية والأرجنتينية. إن بناء نموذج أردني - عربي مستدام يستفيد من هذه المدارس يجب أن يتم عبر تحليل تقني معمّق لأفضل الممارسات، ثم نمذجتها ضمن سياقنا المحلي، سواء على مستوى البنية التحتية، الثقافة الرياضية، أو الإمكانيات البشرية.
ولكي يتحقق هذا النموذج الذكي، لا بد من وجود مراكز تحليل بيانات رياضية وطنية ترتبط بالاتحاد الأردني لكرة القدم والأندية المحترفة، ويتم تزويدها ببرمجيات متقدمة لتجميع وتحليل وتفسير البيانات، ويقودها خبراء في علوم البيانات والإحصاء الرياضي والتدريب. كذلك من الضروري إدماج هذه الأدوات في برامج إعداد المدربين، بحيث يتحول المدرب الأردني من منفذ إلى محلل وصانع قرار مبني على معطيات علمية.
كما يمكن إدخال مقررات الذكاء الاصطناعي والتحليل الرياضي في كليات التربية الرياضية والجامعات الأردنية، لخلق جيل جديد من "مدربي البيانات" بدلًا من الاقتصار على الطرق التقليدية.
وباستخدام أدوات التنبؤ المستقبلية مثل سيناريوهات مونتي كارلو أو تحليل المحاكاة متعددة المتغيرات، يمكن للاتحاد الأردني لكرة القدم أن يتنبأ باحتمالات الأداء المستقبلي للمنتخب في ظل تغييرات معينة (كالتعاقد مع مدرب أجنبي، تغيير تكتيكي، أو تطوير قطاع الناشئين)، مما يمنح صانع القرار الرياضي مساحة للتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى بدلًا من رد الفعل اللحظي.
إن الجمع بين أدوات الثورة الصناعية الرابعة والمدارس التدريبية الكلاسيكية وتكييفها مع البيئة الأردنية سيشكل رافعة جوهرية لتحول الأردن من مشارك طارئ في كأس العالم إلى منافس مستدام، لا يقتصر طموحه على التأهل، بل على بلوغ الأدوار المتقدمة، وترسيخ وجوده بين كبار القارة والكرة العالمية.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : "من عمّان إلى المونديال: خارطة التحوّل الذكي لكرة القدم الأردنية في عصر الذكاء الاصطناعي - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 04:01 مساءً
0 تعليق