نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السير عكس الاتجاه جريمة على الأسفلت - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 05:09 مساءً
تواصل نيوز - بات السير عكس الاتجاه ظاهرة تتفشّى بشكل مقلق في شوارع مصر، لا سيما على الطرق السريعة والمحاور الحديثة، حتى كادت تتحول من سلوك فردي شاذ إلى عادة خطيرة يتناقلها السائقون دون وعي أو رادع.
إنها صورة من صور انعدام الضمير فهي ليست مجرد مخالفة مرورية عادية وضررها لن يقع على السائق المتهور فقط، بل أنها قد تطال أرواح وممتلكات الآخرين، وهي بالفعل جريمة مكتملة الأركان تهدد حياة الأبرياء وتختصر المسافة إلى الكارثة.
قبل أيام وأثناء عودتي من مدينة العين السخنة للقاهرة عبر طريق السويس، فوجئت بعدد من السيارات تسير في الاتجاه المعاكس بكل استخفاف، في محاولة لاختصار بضع دقائق بدلاً من اتباع الطريق الصحيح والالتزام بالدوران المخصص في مشهد مرعب، والأخطر أنه تكرّر أمامي أكثر من مرة، ما يشير إلى أن هذا السلوك بات مألوفًا في أذهان البعض، ومقبولًا لدى من لا يعبأ إلا بمصلحته.
ليست هذه الحوادث استثناءً، بل تكررت مرارًا على طرق عدة فعلى سبيل المثال أيضا محور "حسب الله الكفراوي" الذي يربط بين منطقتي المعادي والتجمع الخامس أصبحت الحوادث المروعة عليه شبه يومية، والضحايا في الغالب هم من السائقين الملتزمين الذين يسيرون في الاتجاه الصحيح وجمعهم سوء الحظ بمن قرر أن يتحدى القانون والعقل والمنطق، ويواجههم بسيارته كأنما يريد اقتناص حياتهم.
إن السائق الذي يقرر السير عكس الاتجاه غالبًا ما يفعل ذلك "لاختصار الطريق"، أو لتوفير دقائق معدودة، متجاهلًا أن هذا "الاختصار" قد يُنهي ويختصر حياة إنسان لا ذنب له، وبالفعل كم من ضحية دفعت حياتها ثمن قرار متهور؟.. وكم من أسرة فقدت عائلها في لحظة، لأن أحدهم قرر أن لا يسير في الاتجاه الصحيح.
إن ما يحدث يستدعي وقفة جادة، فمن يسير عكس الاتجاه لا يفعل ذلك بجهل، بل بعلم كامل أن فعله قد يؤدي إلى موت إنسان آخر، لذا فإنني أرى ضرورة تغليظ العقوبة، واعتبار هذا السلوك بمثابة شروع في القتل حيث إن من يتعمد السير عكس الاتجاه على طريق سريع لا يقل خطرًا عن من يشهر سلاحًا في وجه الناس، فكلاهما يهدد الأرواح، وكلاهما لا يستحق التساهل، مع ضرورة مصادرة السيارة المخالفة وعدم منح السائق رخصة قيادة مجددا مدى حياته باعتباره فاقدا لأهلية القيادة وسط البشر، فالقيادة ليست فقط تعلم كيفية تحريك السيارة بل كيفية السير بحكمة واتباع قواعد المرور والحفاظ على حياة الآخرين وأمانهم.
ولأن الجهات الرقابية مهما بلغت إمكانياتها، لا تستطيع أن تراقب كل شبر من البلاد، أقترح أن يُمنح المواطن الملتزم دورًا فعالًا في مكافحة هذا الخطر وأن تتيح الدولة رقمًا خاصًا بكل محافظة تابعًا لإدارة المرور، يرسل من خلاله المواطنون صورًا أو مقاطع فيديو للمخالفين مع أرقام سياراتهم، على أن تتعامل الجهات المختصة مع هذه البلاغات بجدية وسرعة، فحين يعلم السائق أن هناك "عيونًا شعبية" تراقبه، وأن القانون قد يصله في أي لحظة، سيتراجع عن هذه الجرائم ويفكر ألف مرة قبل مخالفة قوانين المرور.
وإذا علم السائق أنه قد يُصوَّر في أي لحظة، وأن المخالفة ستُوثّق ضده ويُحاسب فورًا، فسيخاف ويرتدع، نحن لسنا بحاجة إلى مشاجرات في الشارع، بل إلى آلية قانونية سريعة وفعالة، تسهّل على المواطن المشاركة في ضبط الشارع دون تعرّضه للخطر أو الإحراج.
والأمر بالطبع لا يقتصر على السير عكس الاتجاه، بل يشمل كل سلوك عدواني على الطرق، من السرعة الجنونية إلى قطع الإشارات والقيادة تحت تأثير المخدر والاحتفالات الشعبية بالسيارات بشكل جنوني وغيرها من السلوكيات الخطيرة، لكن يبقى السير عكس الاتجاه هو الأخطر، لأنه لا يعطي للطرف الآخر فرصة للهرب أو التوقع.
جميعنا يعلم أن الدولة أنفقت مليارات الجنيهات على تطوير شبكة الطرق، لتسهيل حياة المواطن، لا لتكون ساحة للتهور واللامبالاة، فمن غير المقبول أن نمتلك طرقًا حديثة وآمنة من الناحية الإنشائية، ثم نجعلها قاتلة بسبب سوء استخدامنا لها.
إن السير عكس الاتجاه ليس وجهة نظر، ولا اجتهادًا فرديًا بل هو تحدٍّ مباشر للحياة والقانون والضمير، وإذا لم نواجهه بصرامة وحزم، فسنستمر في حصد أرواح الضحايا على الأسفلت يومًا بعد يوم.
عزيزي السائق عليك أن تعلم جيدا أن السير عكس الاتجاه قرار قد تظنه بسيطًا، لكنه في حقيقته قد يكتب نهاية حياة بريئة ودمار لأسرة قد تفقد أحد أحباءها بسبب قرارك الغير محسوب.
أتمنى أن نرفض جميعنا هذا السلوك، ولنحارب الجريمة ونطالب بتغليظ عقوبتها قبل أن تتكرر الكوارث.
0 تعليق