"سجن النساء" عرض مبهج رغم قسوة الموضوع - تواصل نيوز

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"سجن النساء" عرض مبهج رغم قسوة الموضوع - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 04:44 مساءً

تواصل نيوز - الصدقية والموضوعية هنا ربما يكون مردهما إلي أن كاتبة النص. الراحلة فتحية العسال. جربت السجن وعايشت السجينات ولمست قضاياهن عن قرب. فكتبت عما عرفت وخبرت. وهذه المسرحية تحديدا كانت نتاج اعتقالها عام 1981 علي خلفية معارضتها لاتفاقية كامب ديفيد. فخرجت من السجن بهذا النص. هذا فضلا عن كون الكاتبة مناضلة سياسية وطنية منحازة إلي الإنسان علي إطلاقه. وليس إلي النوع.

  تجربة احترافية  

هذا النص يقدمه المخرج الشاب يوسف مراد منير لفرقة المسرح الحديث علي مسرح السلام وسط القاهرة. في ثاني تجاربه الاحترافية. وذلك بعد أن قدم. منذ ثلاث سنوات. تجربته الاحترافية الأولي مع مسرح الشباب من خلال عرضه" ياسين وبهية" الذي حقق نجاحا طيبا ولفت الأنظار إليه كمخرج موهوب ودارس. تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية.وقدم عدة أعمال ناجحة علي مستوي الهواية.
أدخل يوسف مراد منير بعض التعديلات علي النص الأصلي. فهناك تلك الصحفية التي تم اعتقالها. نظرا لآرائها السياسية المعارضة. فضلا عن صديقة لها تواجدت معها في منزلها بالصدفة أثناء القبض عليها. أجري المخرج تعديلا طفيفا. حيث استبدل بالصحفية وصديقتها فتاتين تعملان علي تطبيق "تيك توك" يتم اتهامهما. ظلما. بتقديم محتوي غير لائق. وهو استبدال ربما يوافق المستجدات التكنولوجية التي حدثت. ويعكس كذلك موقفه من مطاردة فتيات هذا التطبيق والتضييق عليهن. أوربما لجأ إلي ذلك لتجنب الهوس الرقابي الذي يمكن أن يعترض علي تقديم شخصية صحفية معتقلة لآرائها المعارضة. حتي لو كانت أجواء النص تشير إلي أنه يدور في زمن ماض. فالرقيب غالبا ما يأخذ بالأحوط.
كما استغني المخرج عن كثير من الشخصيات الثانوية التي يحفل بها النص. واختزل الكثير من الأحداث. واكتفي فقط بما يحقق رؤيته. ولا يحيد. في الوقت نفسه عن رؤية الكاتبة.

  نماذج مختارة  

نماذج نسائية متعدد يقدمها العرض. وهي نماذج مختارة ليس بهدف الانتصار للمرأة وقضاياها. بقدر ما هي مختارة لمحاكمة المجتمع ككل. فالسجن لا يوجد فقط خلف الأسوار. لكنه يوجد خارجها أيضا. يوجد في العقول والممارسات البالية. في " القهرة وكسرة القلب" بل إنه يصبح خارجها أشد وطأة وإيلاما.
ثلاث عشرة سيدة. أغلبهن ضحايا مجتمع ظالم وأناني. البعض وقع في الخطأ باختياره. والبعض الآخر أوقعته في الخطأ ظروف الحياة علي غير إرادته. 
سيدة ضحت بنفسها من أجل زوجها تاجر المخدرات. وحتي لا تلقي الشرطة القبض عليه. تعترف هي بأنها صاحبة المخدرات. التي عثرت عليها الشرطة. وبدلا من وقوفه إلي جوارها ومساندتها في محبسها. يرسل إليها ورقة الطلاق. وأخري حكم عليها بالإعدام لأنها قتلت زوجها بعد أن شاهدته ينتهك عرض ابن لها من زوجها المتوفي. وثالثة تعمل خادمة في إحدي الشقق التي يمارس أصحابها الأعمال المنافية للآداب. تلقي الشرطة القبض عليها ظلما. وعندما تضع مولودها في السجن وتعتبره هدية الله للتخفيف عنها.  يسارع الزوج العاطل إلي انتزاعه منها بالقانون. ورابعة سيدة أعمال ومهربة. وخامسة نشالة. نماذج عديدة. أغلبها ضحايا للمجتمع. وبعضها ضحية لقصور تفكيره أو أطماعه.

   بيئات مختلفة   

اختارت الكاتبة نماذج نسائية تنتمي إلي بيئات وفئات مختلفة. كتبت عنهن بتعاطف شديد. فعلي رغم أن السجن يضم نماذج شائهة ومجرمة بطبيعتها في الغالب. فقد مارست العسال فعل الانتقاء باختيار نماذج تخدم قضيتها. وإن لم تقدمهن جميعا في صورة مثالية تنفي عنهن أي خطأ. فهناك الظالمة والمظلومة.
سعي المخرج إلي تقديم عرضه في صيغة جديدة يهرب بها من فخ التكرار. فالعرض سبق تقديمه عدة مرات. لذلك جاء العرض مراوحا بين الغناء والاستعراض والسرد. وذلك كله في إطار تغلب عليه الكوميديا. ويقترب أكثر من الجمهور العام. فعلي رغم أن موضوع العرض يميل إلي الكآبة. فقد خففت الصيغة التي لجأ إليها المخرج كثيرا من وقعها. مستبدلا بها مساحات واسعة من البهجة. سواء علي مستوي الصورة. أو علي مستوي الأداء التمثيلي.
استعان المخرج في عرضه بمخرجين شابين. لهما تجارب لافتة في الإخراج. محمود صلاح في تصميم الديكور. ومحمود الحسيني في تصميم الإضاءة. جاء الديكور واقعيا عبارة عن "عنبر" أو غرفة للسجينات بتفاصيلها المعروفة. وعن يمينها باب للدخول. وفي العمق ما يشبه الممر الذي يفضي إلي الزنازين الأخري. منظر واحد ثابت. واستخدم يمين مقدمة المسرح لتجسيد بعض المشاهد خارج السجن. ولعبت الإضاءة دورا واضحا في التعبير عن لحظات الفرح والحزن والتوتر. وإبراز انفعالات الممثلات. بتعدد ألوانها ومصادر إسقاطها. فشكلت مع الديكور والأزياء "تصميم سارة شكري" عنصرا وظيفيا وجماليا أضاف الكثير إلي العرض.
حفل العرض بمجموعة من الاستعراضات تصميم محمد بيلا والأغاني أحمد الشريف وموسيقي محمد عزت وأدت هبة سليمان دور السجانة فضلا عن غنائها الحي المعبر عن طبيعة دورها. بعيدا من فكرة التطريب. فكانت هي الأخري واحدة من عناصر العرض اللافتة.
ليست هناك بطولة مطلقة في العرض. فالمساحات تكاد تكون متساوية. ورغم التفاوت الواضح في الخبرات بين الممثلات. فإن فكرة الفريق الواحد كانت سائدة. اختار المخرج. بعناية. مجموعة من الممثلات اللاتي تم تسكين كل منهن في الدور الذي يتوافق مع مرحلتها العمرية وتكوينها الجسماني. ما أضفي نوعا من المصداقية علي الأداء التمثيلي في العرض. الذي اختار الأسلوب الواقعي. ومنهن: نشوي حسن. هايدي عبد الخالق. هنادي عبد الخالق. آية أبو زيد. شريهان الشاذلي. جني عطوة. دعاء الزيدي. ليلي مراد. إيرني مجدي. راندا جمال. ليلة مجدي. صافي فهمي. ولاء الجندي. ومعهن إكرامي وزيري في دور زوج إحدي السجينات.
العرض إنتاج المسرح الحديث البيت الفني للمسرح-وزارة الثقافة ومن الملاحظ أنه مديره الفنان محسن منصور. حريص علي إعطاء الفرصة للشباب. فأغلب العروض التي قدمها.منذ توليه إدارة المسرح. كانت لمخرجين شباب. ليس هذا فحسب. بل إنه حريص كذلك علي حضور العرض يوميا والصعود إلي خشبة المسرح للاحتفاء بصناعه. وتقديمهم. بفرح. إلي الجمهور. وهو ما يمنح العرض وصناعه مزيدا من الطاقة. انعكست علي الإقبال الجماهيري عليه. مع العلم أنه مسرح غير هادف إلي الربح أساسا كغيره من مسارح الدولة.

 

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق