في تصعيد جديد للتوتر بين طهران وواشنطن، أعلنت إيران عن تنفيذ ضربة صاروخية استهدفت قاعدة العديد الأمريكية في قطر، وُصفت بأنها رد فعل مباشر على الهجمات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية داخل الأراضي الإيرانية.
أثارت الضربة قلقًا كبيرًا نظرًا لموقع القاعدة الحساس وقربها من المصالح الأمريكية والخليجية. وقد تساءل الكثيرون عما إذا كانت هذه الضربة تمهيدًا لتصعيد أكبر أم مجرد رسالة رمزية تهدف إلى حفظ ماء الوجه الإيراني.
أستاذ العلوم السياسية: الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية هي لـ “حفظ ماء الوجه” وليست تصعيدًا
أوضح الدكتور أحمد وهبان، عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، في تصريحات خاصة لصدى البلد، أن الضربة الإيرانية على القواعد الأمريكية في الخليج، خاصة قاعدة العديد في قطر، تأتي ضمن رد رمزي على العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة التي استهدفت مواقع نووية في إيران باستخدام قنابل تعرف باسم “قنابل يوم القيامة”.
وأشار الدكتور أحمد إلى أن واشنطن أعلنت عن نجاحها في تدمير المنشآت المستهدفة، بينما نفت طهران ذلك، مؤكدة أن المواقع كانت قد أُخليت مسبقًا من اليورانيوم المخصب، مما يعني أن الضربات الأمريكية لم تحقق نتائج فعالة.
وأضاف أن إيران حاولت الرد بطريقة مماثلة، إلا أن الضربة استهدفت منشآت عسكرية كانت خالية من الطائرات أو المعدات الثقيلة الأمريكية، خاصة بعد سحب الأخيرة لطائراتها من قاعدة العديد قبل أيام.
وأكد على أن توقيت الضربة يعزز فرضية أنها لم تكن تصعيدًا حقيقيًا، بل محاولة لحفظ ماء الوجه في مواجهة الضغوط الداخلية، ولإظهار أن الحكومة الإيرانية ردت على الاعتداءات الأمريكية بشكل متناسب.
وأشار إلى أن الإعلام الإيراني ركز على مبدأ “الرد بالمثل”، حيث استخدمت الولايات المتحدة ست قنابل، بينما أطلقت إيران ستة صواريخ على قاعدة العديد، مما يوحي بكونه استعراضًا إعلاميًا أكثر منه عمليًا.
وفيما يخص الرد الدبلوماسي، أكد المصدر أن الخارجية الإيرانية أكدت أن الضربة لم تكن موجهة ضد الشعب القطري، بل كانت تستهدف الوجود العسكري الأمريكي فقط، في محاولة لتهدئة أي توتر دبلوماسي مع الدوحة.
وفي ختام تصريحاته، قال الدكتور أحمد وهبان إن هذا الحدث لا يعدو كونه ضربة رمزية دعائية، متوقعًا أن لا يغير الكثير في موازين القوى أو يفرض معادلة ردع جديدة، مشيرًا إلى أن الإجراء الأكثر خطورة سيكون إذا قررت طهران إغلاق مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى تصعيد شامل أو توسيع الصراع في الخليج.
هاني سليمان، خبير في الشأن الإيراني: إيران تضرب لترد لكنها لا تسعى لمواجهة مع واشنطن
قال الدكتور هاني سليمان، خبير الشأن الإيراني، إن الضربة التي نفذتها طهران ضد القواعد الأمريكية تعد تطورًا خطيرًا في مسار التصعيد، حيث تعكس ردًا مباشرًا على الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية.
وأكد سليمان أن الضربة تحمل رسائل معقدة وتظهر رغبة إيران في إثبات قدرتها على استهداف المصالح الأمريكية بشكل واضح، باعتبارها تسعى لتحقيق توازن في الردع والتعويض عن الخسائر التي تكبدتها.
وأضاف أنه وعلى الرغم من رغبة إيران في تأكيد قدرتها على الرد، فإنها تحرص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى حرب شاملة. وأشار إلى أن الإجراء التالي يعتمد على رد الفعل الأمريكي، خاصة مع تهديدات واشنطن السابقة بـ”رد مزلزل”.
وتابع سليمان حديثه، موضحًا أنه إذا لم يسفر الهجوم عن سقوط قتلى في صفوف القوات الأمريكية، فإن واشنطن قد تعامله في إطار الأمور القابلة للتحمل سياسيًا وعسكريًا. بينما الضربة الإيرانية، وإن كانت غير فعالة عسكريًا، إلا أنها تحمل دلالة سياسية قوية تهدف إلى حفظ كرامة إيران في الداخل.
وأشار إلى أن إيران تتعرض لضغوط داخلية كبيرة نتيجة استهداف بعض مواقعها الحيوية، مما يجعلها تميل نحو التهدئة المنظمة وتفادي التصعيد غير المحسوب. واستنتج أنه قد يكون ما نشهده بداية لمرحلة جديدة تشبه هدوء ما بعد العاصفة، مع عدم إمكانية الجزم باستمرار هذا الوضع لفترة طويلة اعتمادًا على رد الفعل الأمريكي.
واختتم سليمان تصريحاته بالقول إن إيران تسعى حاليًا لإعادة ترتيب أوراقها، وإذا قررت العودة للهجوم، فمن المرجح أن تستهدف إسرائيل بدلاً من الولايات المتحدة، لتجنب مواجهة مباشرة معها.
تعليقات