مع إعلان وقف القتال بين إيران وإسرائيل بعد 12 يوماً من التصعيد العسكري المتبادل، تتجه الأنظار لتحديد الطرف الخاسر، وما إذا كان أي من الطرفين قد تمكن من تحقيق أهدافه خلال هذه الجولة من الصراع.
أكد الدكتور إسماعيل تركي، أستاذ العلوم السياسية، أن الضربات التي نفذتها إسرائيل خلال المواجهة الأخيرة كانت تهدف بالأساس إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني، من خلال استهداف منشآت حساسة مثل “فوردو” و”نطنز”، بالإضافة إلى اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين في هذا القطاع.
وشدد تركي في تصريحاته لصحيفة صدى البلد على أنه لا يوجد دليل حتى الآن يثبت نجاح إسرائيل في تحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الإيرانية قد تكون قابلة للتعويض، مما يبقي البرنامج النووي الإيراني قائماً رغم الهجمات التي تعرض لها.
أضاف أن مشاركة الولايات المتحدة في العمليات لم تسهم في تغيير موازين القوة لصالح إسرائيل، واعتبر أن الأخيرة فشلت في تحقيق انتصار استراتيجي حاسم، مما يعرّض موقعها السياسي والعسكري للضعف في ميزان المكاسب والخسائر.
وأوضح الدكتور تركي أن إيران تمكنت من توجيه ضربات مؤلمة لإسرائيل، كما أثبتت قدرتها العسكرية على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة من خلال استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر، التي تعد من أكبر القواعد العسكرية في الشرق الأوسط.
ورأى أن هذا التطور يعزز من مكانة إيران كفاعل إقليمي مؤثر، وهو أحد الأهداف الأساسية التي سعت طهران لتحقيقها خلال هذه المواجهة. كما أشار إلى أن استمرار البرنامج النووي الإيراني رغم الضغوط يعد دليلاً على قوة بنيته التحتية وقدرة النظام الإيراني على التكيف وإعادة البناء بسرعة بعد الهجمات.
أبرز ما حققته إيران، وفقاً لتركي، هو تجسيد مفهوم الردع الذاتي، إذ أظهرت قدرتها على الرد بقوة وتحقيق مكاسب رغم التحديات والخسائر، معتبراً أن الدرس الأهم في هذه الجولة هو أن الاعتماد على القوة الوطنية الذاتية هو الضمان الأوحد لأمن الدول واستقرارها.
كما أشاد الدكتور إسماعيل تركي بموقف الدول العربية التي التزمت الحياد ورفضت الانجرار إلى الصراع، وعلى رأسها مصر، موضحاً أنها اتخذت موقفاً رشيداً ومسؤولاً بتحذيرها المسبق من مخاطر التصعيد.
أكد النائب يحيى كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران لم تكن متكافئة من الناحية العسكرية، مشيراً إلى أن الفارق الكبير في الإمكانيات والتكنولوجيا بين الجانبين كان واضحاً في سير العمليات، إلا أن النتائج لم تكن كما كانت تتوقعها إسرائيل.
وأوضح كدواني لصحيفة صدى البلد أن الهدف الرئيسي لإسرائيل كان القضاء على البرنامج النووي الإيراني أو على الأقل تعطيله، إلا أنها فشلت في تحقيق هذا الهدف في فترة زمنية قصيرة، ما قد يتيح لطهران فرصة إعادة تشغيل برنامج تخصيب اليورانيوم مجدداً، مما يزيد من قلق الغرب وإسرائيل.
وأشار إلى أن الضربات الإيرانية كانت مؤلمة لإسرائيل، موضحاً أن الشعب الإسرائيلي “عاش 12 يوماً صعبة”، قضى جزءاً كبيراً منها في الاختباء داخل الملاجئ، وهو ما يوضح أن إسرائيل لم تتمكن من تحمل تبعات الحرب أو المعاناة النفسية والميدانية كما هو متوقع.
وأضاف كدواني أنه لم يخرج أي طرف منتصراً من هذه الحرب، حيث تكبد الطرفان خسائر مادية كبيرة تقدر بالمليارات، لا سيما في ظل استمرار معاناة إسرائيل من آثار حرب 7 أكتوبر، وما خلفته من أعباء اقتصادية وعسكرية حتى اليوم.
وسلط كدواني الضوء على التطور الملحوظ في التكنولوجيا العسكرية الإيرانية، خاصة في مجال تصنيع الصواريخ الدقيقة، والتي نجحت في إصابة أهداف حيوية داخل إسرائيل، مما شكل علامة فارقة في مسار الحرب.
وأوضح أن إسرائيل كانت تعتقد أنها محصنة تماماً بفضل “القبة الحديدية” ومنظوماتها الدفاعية الجوية المتقدمة، لكن الواقع أثبت أن هذه المنظومات لم تكن كافية للتصدي بشكل كامل للصواريخ الإيرانية، مما كشف عن ثغرات أمنية بالطبع في دفاعاتها.
تعليقات