استعد لعيد الروح: انطلاقة جديدة مع الله

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الحجاج قد عادوا من أداء فريضة الحج، فبدأت بذلك سنة جديدة، وطوينا صفحة السنة الماضية، مما يمنح المسلمين فرصة لبدء فصل جديد في علاقتهم مع الله ومع أنفسهم ومع الآخرين.

وأضاف جمعة، في منشور له على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن التجديد في الإسلام جاء به سيدنا رسول الله ﷺ، الذي نبَّه إلى أهميته ووجهنا لفهم معناه وتوسيع مجاله.

كان سيدنا رسول الله ﷺ يقول: “جدِّدوا إيمانكم”، ويستفسر البعض قائلين: كيف يمكننا تجديد إيماننا، فيرد بقوله: “قولوا: لا إله إلا الله”.

إن من خصائص هذا الدين، ومن هدي النبي ﷺ، أنه يوجه رسالة للجميع: العالم والجاهل، البدوي والحضري، الذكي والبسيط، ومن خلال جملة بسيطة تكون مفتاح سعادة الدنيا والآخرة: “قولوا: لا إله إلا الله” وابدؤوا صفحة جديدة مع الله.

فتح هذه الصفحة الجديدة أمر يسير، يمكن لكل مؤمن أن يقوم به كل صباح وهو يعتزم فتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى، ومع نفسه ومع الآخرين: “لا إله إلا الله”. وهذه الصفحة لم يُكتب فيها شيء بعد، لذا نسعى لملئها بالطاعات وتجنب المعاصي، حتى ينظر الله إليها برحمة.

فالحج يطهّر الإنسان من ذنوبه كمن وُلِدَ لتوه، حيث قال النبي ﷺ: “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”. وقد أشار ابن حجر العسقلاني في كتاب له إلى أن من حج ولم يرتكب الفواحش أو الذنوب، واعتقد أن الله لم يغفر له، فقد كفر.

تذكر أن هذه العبادة تغفر جميع الذنوب، وها أنت عدت بصفحة نقية. هل ستتمكن من المحافظة على نظافتها؟ هذا هو المقصود. أم أنك ستلوثها بالمعاصي والتقصير؟ نسأل الله أن يوفقنا. فكل ابن آدم يخطئ، وخير الخطَّائين هم التوَّابون. والتوابون هم الذين يتوبون باستمرار ولا ييأسون من رحمة الله، كما جاء في الحديث القدسي: “يا ابن آدم، لو أن لك ملأ الأرض ذنوبًا، ثم جئتني تائبًا، لغفرت لك”.

إنه من المستحيل أن يرتكب الإنسان عددًا من الذنوب يعادل مترًا مكعبًا من تراب الأرض، لأن عدد ذرات التراب في هذا الحجم يفوق عدد لحظات حياة الإنسان لألف سنة. وحتى لو عمرت ألف عام وأردت العصيان في كل لحظة، لن تتمكن من تجاوز متر مكعب من تراب الأرض. ولكن إذا جئت إلى ربك بكل هذه السيئات، ثم تبت إليه، لغفر لك. فما أعظم هذا الفضل، وأي شخص يمكن أن يتوانى عن اللجوء إلى هذا الرحمة والكرم الكبير؟