ملتقى فعاليات بني حسن: احتفالية بهجة في الهناجر

تم افتتاح معرض “ملتقى مراسم بني حسن للرسم والتصوير” في قاعة آدم حنين بمركز الهناجر بدار الأوبرا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وبإشراف الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، ضمن أنشطة وزارة الثقافة.

افتتح المعرض الفنان طارق الكومي، نقيب الفنانين التشكيليين، والفنان د. شادي أديب سلامة، القوميسير العام، إلى جانب الفنانة ڤيڤيان البتانوني، مدير عام الفنون التشكيلية في قصور الثقافة، بحضور الفنانة ولاء فرج، مدير إدارة المعارض والمراسم، ومجموعة من الفنانين التشكيليين والإعلاميين.

ضم المعرض 39 عملاً فنياً متنوعاً بمشاركة 15 فناناً وفنانة، منهم: أحمد عبد الجواد، محمد عارف، دينا صموئيل، هالة خليل، جوزيف الدويري، مروة إسماعيل، محمد وهبة، منى مهيمن، نورا مصطفى، علا أشرف، عمر رأفت، شنودة عصمت، وليد طارق، ولاء أبو العينين، ونيڤين ياقوت. ويُشرف على المعرض الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، والإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعي.

وأكدت الفنانة ڤيڤيان البتانوني أن المعرض يأتي في إطار مشروع “وصف مصر”، الذي يهدف إلى توثيق الملامح البصرية والهوية الثقافية للمحافظات المصرية.

أشارت إلى أنه تم اختيار محافظة المنيا، كونها نقطة التقاء بين الشمال والجنوب، وتحمل طابعاً فريداً يمزج بين الحضارة المصرية القديمة والتراث الشعبي، مما يجعلها بيئة غنية تستحق التوثيق الفني.

كما تضمنت الأعمال الإبداعية مستلهمة من الأماكن الأثرية، حيث جاءت أعمال مأخوذة من منطقة بني حسن التي تسجل تفاصيل الحياة اليومية مثل الزراعة، والصيد، والاحتفالات، بدلاً من الطابع الجنائزي التقليدي السائد.

كان المعرض أيضاً غنياً بأعمال تتميز بطابع صوفي ممزوج بعناصر من الحضارة المصرية القديمة، وأخرى مستوحاة من مقابر الصحابة، مما يوفر بيئة ملهمة للفنانين.

من جهته، أعرب د. شادي أديب سلامة عن سعادته بافتتاح المعرض، مشيداً بتنوع الأعمال ومشاركة مجموعة من أساتذة الجامعات والفنانين المستقلين، مما منح المعرض طابعاً جديداً، حيث حاول كل فنان تقديم رؤيته الخاصة التي تعكس وحي المكان.

أضاف أن برنامج الملتقى كان مكثفاً وشمل زيارة لمواقع أثرية نادرة مثل تل العمارنة، الجبانة الرومانية، والمقابر الصخرية في بني حسن، نظراً لما تتمتع به هذه المواقع من غنى تاريخي وبصري.

وحول مشاركته في المعرض، ذكر أنه يعرض ثلاث لوحات مستوحاة من الرموز والنقوش الموجودة في المقابر الأثرية، مثل مشهد الصيد والكائنات الأسطورية مثل الحصان والثعبان، والمراكب التي ظهرت في النقوش المسيحية المبكرة، والتي ترمز لفكرة الانتقال. كما قام بتكبير أحد هذه المشاهد من حجم صغير يصل إلى 20×20 سم، إلى لوحة بأبعاد 120×120 سم ليتمكن الجمهور من رؤية التفاصيل الدقيقة.

وأعرب الفنانون المشاركون عن سعادتهم بالمشاركة، حيث ذكر الفنان محمد عارف، مدرس مساعد بكلية التربية الفنية، أنه يقدم ثلاث لوحات تتناول رمزين من الحضارة المصرية القديمة، وهما النجمة وزهرة اللوتس، في محاولة للتعبير عن الطاقة والقوة الكامنة في الرمزين.

كما شاركت الفنانة منى مهيمن بثلاث لوحات، حيث تناولت في الأولى موضوع سراديب الموتى في تونة الجبل، من خلال تصميم لمومياء قرد كمؤشر على البعث والخلود، بينما تناولت الثانية مشهدًا من مقابر بني حسن، وجاءت الثالثة عن مقبرة إيزادورا، أحد الرموز الأثرية المهمة في المنيا.

وأضاف الفنان جوزيف الدويري أنه شارك بثلاث لوحات مستوحاة من الطبيعة الحية ومشاهد مرتبطة بالنيل.

وفي السياق ذاته، أفادت الفنانة دينا صموئيل أنها قدمت لوحة واحدة مستوحاة من جدارية نادرة في مقابر بني حسن، تُبرز مشهداً قتالياً بين الجنود، مع التركيز على تقليد الأسلوب الذي استخدمه الفنان المصري القديم.

الشغف يعكسه أيضاً ما قالته الفنانة هالة خليل، مدرس بكلية الفنون الجميلة، حيث قامت بتقديم لوحات تعكس الطائر “إيبس” المعروف بــ”أبو قردان” في الفن المصري القديم، متأثرةً بأحد التماثيل الموجودة في متحف ملوي.

كما عرضت الفنانة علا أشرف، طالبة بكلية التربية الفنية، لوحة فنية مستوحاة من المعابد والمقابر في بني حسن وتل العمارنة، باستخدام ألوان زاهية.

وأوضحت الفنانة د. نيڤين ياقوت أنها قدمت لوحة عصريَّة دمجت فيها بين المشاهد القتالية على جدران المعابد في تل العمارنة وتفاصيل الأدوات القديمة التي شاهدتها في متحف ملوي.

الفنان وليد طارق، معيد بكلية الفنون الجميلة، تحدث عن مشاركته بلوحتين، تعكس الأولى فكرة “حارس المعبد”، بينما تمثل الثانية التمثال الموجود في جبل الطير خلف مقابر بني حسن، بتعبير عن كل منهما مستخدماً تبايناً بين الألوان الباردة والدافئة.

وأوضحت نورا مصطفى، طالبة بالفرقة الثالثة قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة، أنها شاركت بلوحتين، تمتاز الأولى بسرد قصة إيزيدورا التي غرقت في النيل خلال رحلة للقاء حبيبها، في مشهد رمزي يجسد الفقد والحب، بينما تعكس الثانية الملكة نفرتيتي في قصرها الشمالي بتل العمارنة محاطة بخلفية من الجبال والآثار.

وفي ختام المعرض، تم تكريم المشاركين من قبل القوميسير ومدير عام الفنون التشكيلية بتسليمهم شهادات تقدير.

يمثل هذا المعرض نتاج ملتقى مراسم بني حسن للرسم والتصوير الذي أقيم في عروس الصعيد في نوفمبر الماضي، والذي نفذته الإدارة العامة للفنون التشكيلية بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد وفرع ثقافة المنيا.

المعرض مستمر حتى 24 يونيو الحالي، مما يوفر الفرصة للجمهور للاطلاع على تفاصيل هذه التجربة، التي تعزز الهوية الثقافية من خلال تقديم رموز الحضارة والتراث بأساليب عصرية.