تشهد مصر في الفترة الأخيرة سلسلة من انهيارات العقارات في عدة محافظات، مما أثار قلقا بالغا بين المواطنين، خاصة بعد تكرار الحوادث في مناطق سكنية مزدحمة مثل حدائق القبة وشبرا.
تشير الوقائع إلى أن معظم هذه المباني تعاني من مشكلات إنشائية مزمنة أو تم تدعيمها بعناصر مؤقتة لا تضمن السلامة، ورغم أن البعض نسب هذه الحوادث إلى الهزات الأرضية التي سجلتها بعض مراكز الرصد، فإن الخبراء والمهندسين يرون أن الأسباب الحقيقية تعود إلى تدهور حالة البناء، وسوء الصيانة، وتغلغل المياه، بالإضافة إلى نقص الرقابة الهندسية في حالات البناء المجاور دون الالتزام بالمعايير الفنية.
وقال اللواء ممدوح عبد القادر، المدير الأسبق للحماية المدنية، إن أسباب انهيار المباني في مصر متعددة، مع التركيز على الطبيعة الإنشائية للعقار نفسه. وذكر أن بعض المباني القديمة تعتمد على ما يسمى بـ”الحوائط الحاملة” التي تتحمل الوزن الإنشائي بدلاً من الأعمدة والخرسانة المسلحة، لذا فإن تعرض تلك الحوائط للتآكل أو التسريب أو التحميل الزائد قد يؤدي إلى انهيار المبنى بشكل مباشر.
وأوضح اللواء عبد القادر في تصريحات خاصة أن عمر المباني المتقدم يمثل سبباً رئيسياً في تكرار مثل هذه الانهيارات، حيث إن بعض المنشآت تجاوزت عمرها الافتراضي دون أن تخضع لأي صيانة حقيقية، مما يؤدي إلى تدهور حالتها الإنشائية بشكل ملحوظ.
وأشار إلى أن تسرب المياه من الصنابير البالية أو المواسير التالفة، خاصة تلك المدفونة داخل الجدران، يضعف الأعمدة والأساسات، مما يساعد على تسريع انهيار المباني، مؤكدًا أن الإهمال في إصلاح هذه الأعطال يفاقم من المشكلة.
وأضاف: في بعض الحالات، قد يستمر تسرب المياه من المواسير داخل الجدران لعدة أشهر، مما يؤثر سلباً على الحوائط، وعند إهمال الإصلاح، يتضرر في النهاية قوة المبنى بالكامل.
وعندما تم الحديث عن الزلازل، أكد اللواء عبد القادر أن الهزات الأرضية قد تكون أحد العوامل التي تسهم في انهيار بعض المباني، لكنها ليست السبب الرئيسي وراء العديد من الحوادث الأخيرة في مصر، مشيرًا إلى أن المباني التي انهارت مؤخراً، مثل عقار شبرا، كانت تعاني من مشكلات إنشائية ظاهرة، حيث ظهرت صور تظهر دعم العقار بأسلوب بدائي باستخدام الأعمدة الخشبية قبل الانهيار.
تابع: ليس كل انهيار ناتج عن الزلزال، وقد يكون السبب في بعض الأحيان هو الإهمال التام في الصيانة، أو تقادم المباني، أو تسريب المياه المزمن الذي يؤثر على الأساسات.
كما حذر من عامل خطر آخر، وهو عدم التزام الجيران بالمعايير الهندسية عند البناء في الأراضي المجاورة، مشيرًا إلى أن حفر أساسات جديدة بجوار مبنى قائم من دون اتخاذ التدابير الفنية اللازمة غالبًا ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأساسات المجاورة، مما يعرضها للانهيار.
وأضاف: “بعض الناس تدعم عماراتها بأعمدة خشبية لتتحمل، بينما يقوم جار لها في نفس الوقت بحفر بجانبها بدون إشراف هندسي، مما يتسبب في انهيارات مفاجئة”.
وأكد أن الاعتماد على مقاولين غير مؤهلين، وغياب الإشراف الفني الحقيقي أثناء مراحل البناء أو الحفر، يعدان من الأسباب المتكررة وراء الكوارث العقارية، مشيراً إلى أن بعض الحالات تبدأ بخطأ بسيط في الحفر وتنتهي بانهيار كامل للعقار.
تعليقات