رحلة إلى عمق الإيمان: عبادة بسيطة تعكس جمال الروح الإسلامية

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن هناك العديد من الأشخاص الذين يتولون مناصب ليست من اختصاصاتهم، ويتحدثون في مجالات لا يفقهون فيها، مما ينعكس عليهم سلباً. كما أشار إلى ضرورة التحفظ في الكلام، مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»، وهو دليل على قيمة الأدب، التي كثيراً ما نفتقدها في حياتنا اليومية، حيث نجد الكثير يتحدثون دون إلمام.

وأضاف علي جمعة أنه عندما أبدى الناس تعجبهم من هذا الأمر أمام سفيان الثوري رحمه الله، رد عليهم قائلاً: لماذا التعجب؟ إن الله تعالى يقول: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114]. واستشهد أيضاً بآية: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ: 38]، ليؤكد أنه ليس كل كلام يقال له قيمة، إلا في هذه الأمور الثلاثة.

حسن إسلام المرء

وواصل حديثه بأن قول الرسول «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» يحمل دلالة عظيمة، تُعلّم الإنسان الأدب مع الله. وذكر سيرة سيدنا أبي ذر رضي الله عنه الذي استفسر عن صحف إبراهيم، فقال النبي: «على العاقل أن ينظم وقته في أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتأمل فيها في صنع الله، وساعة يخلي فيها حاجاته من الطعام والشراب» [ابن حبان].

وأوضح أن العاقل يجب أن يركز على أمور دينه، ويتجنب ما لا يعنيه من المسائل الدنيوية، مع مراعاة الحياء من الله، حيث يجسد الحياء الحقيقي بأن يحفظ الإنسان ما وعى في عقله، ويتذكر الموت والمصير. وذكر أن من أراد الآخرة يجب أن يتخلى عن زينة الدنيا، وهذا هو الحياء الحقيقي من الله.

الحياء من الله

وقال علي جمعة إن مفهوم الحياء من الله يتجلى في أهمية حماية العقل مما لا يليق، حيث لم يقتصر الأمر على تجنب المحرمات الظاهرة فقط، بل يشمل أيضاً التفكير والتحليل المحرم. ويجب على المسلم أن يطهّر نفسه لله، وينأى عن كل ما يلوث باطنه.

كما دعا إلى الحرص على تناول الحلال، حيث قال النبي: «أطيب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة». وأكد ضرورة تذكر الموت، فمَن يتذكره يعيش في خشية من الله، ويكون دائماً على ذكر من ربه. وذكر أن لا شيء في الدنيا يدوم، فكل ما فيها فاني، كما قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26–27]. لذا، يجب العودة إلى آداب الإسلام، التي تأمر بالمعروف، وتحضّ على الجمال والنظافة، وتنبذ القبح وسوء الأدب.