تعتبر مصر في مرحلة غير مسبوقة من تطوير نظام التعليم، بناءً على رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز مكانة الإنسان المصري كعنصر أساسي في مسيرة الجمهورية الجديدة، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكيمة.
لم يكن تحديث التعليم مجرد إصلاح إداري أو تحسين سطحي، بل تحول إلى مشروع وطني استراتيجي يتكامل مع جهود التنمية في مختلف القطاعات. ويُعد هذا المنحى أحد أبرز ملامح “الجمهورية الجديدة” التي تبنت العلم والمعرفة كوسيلة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
تصدرت تطوير المناهج أولويات الدولة المصرية لإحداث نقلة نوعية في جودة التعليم. وبالتعاون مع توجيهات الرئيس السيسي، تم الانتقال من أساليب التلقين إلى مناهج تركز على الفهم والمهارات والتحليل، وهو ما تجلى من خلال إعادة هيكلة المرحلة الثانوية بتقليص المواد إلى 6-8 مواد أساسية وزيادة ساعات تدريس كل مادة إلى 100 ساعة سنويًا، مما يتيح الفرصة للتعمق في المحتوى.
كما تم إطلاق مشروع “البكالوريا المصرية”، كنموذج جديد يعزز العدالة في التقييم، يمنح الطلاب إمكانية اختيار المسار التعليمي المناسب، ويخفف من الضغط النفسي الناتج عن الامتحان الموحد. وضعت وزارة التربية والتعليم خطة شاملة للقضاء على الكثافات الطلابية وتحسين بيئة التعلم، تمثلت في إنشاء 150 ألف فصل دراسي على مدى عشر سنوات، مما يرفع العدد إلى نحو 380 ألف فصل، مع تقليل عدد الفصول إلى أقل من 50 طالبًا، مع التركيز على المناطق الأكثر احتياجًا.
كان للتحول الرقمي في المدارس دور بارز في تطوير النظام التعليمي، حيث تم تجهيز آلاف المدارس بالبنية التكنولوجية اللازمة، وشبكات الإنترنت، وتوفير أجهزة التابلت لطلاب المرحلة الثانوية.
إلى جانب ذلك، أعادت الدولة الاهتمام بالتعليم الفني، بعد عقود من الإهمال، ليصبح رافدًا مهمًا للاقتصاد الحديث. وقد تجسد ذلك في التوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالتعاون مع الشركات المحلية والدولية، مع استهداف زيادة عددها إلى 90 مدرسة بحلول عام 2025، وتطبيق نظام التعليم الفني المزدوج الذي يربط الدراسة بالتدريب العملي في المصانع، مما يعزز فرص التوظيف المباشر، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات تعاون دولي مع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لنقل الخبرات وتطبيق معايير الجودة الأوروبية في التعليم الفني.
لم تتوقف الدولة عند تطوير المدارس التقليدية، بل أطلقت أنظمة تعليمية حديثة تضاهي تلك الموجودة في الدول المتقدمة. من بين هذه الأنظمة، المدارس المصرية اليابانية التي تعتمد على فلسفة “التوكاتسو” اليابانية وتهدف إلى بناء الشخصية وتعزيز روح الجماعة. حاليًا، يوجد 69 مدرسة، مع افتتاح 11 مدرسة جديدة في العام الدراسي القادم 2025-2026. هناك أيضًا مدارس النيل الدولية التي تقدم تعليماً ذا جودة عالية بالشراكة مع جامعة كامبريدج، وتدرس المناهج باللغة الإنجليزية والعربية مع الحفاظ على الهوية الوطنية، ومدارس المتفوقين STEM التي تهتم بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لإعداد جيل مبتكر قادر على المنافسة في السوق العالمية.
لم تغفل الدولة الجوانب الصحية والاجتماعية المؤثرة في التعليم، حيث أُطلقت عدد من المبادرات الرئاسية التي تدعم الطالب بدنياً ونفسياً، منها مبادرة فحص العيون لأكثر من 7 ملايين طالب لتشخيص مشاكل النظر وتوفير العلاج المناسب، فضلاً عن برنامج التغذية المدرسية الذي يقدم وجبات يومية متكاملة لنحو 13 مليون طالب، ضمن خطة لتحسين الصحة العامة للطلاب في المدارس الحكومية والمجتمعية، مع التركيز على تشجير وتجميل المدارس وتحديث المرافق الرياضية والثقافية لإيجاد بيئة تعليمية صحية ومحفزة.
على ضوء إدراك القيادة السياسية أن نجاح أي تطوير تعليمي يتطلب تمكين المعلم، تم اتخاذ خطوات جوهرية في هذا الصدد، منها تعيين 30 ألف معلم سنويًا على مدار 5 سنوات لسد عجز الكوادر التعليمية، وتعديل نظام التدريب المهني بما يتناسب مع التحول الرقمي والمناهج الحديثة، وتحسين الأوضاع المالية والمهنية للمعلمين وزيادة أجور الحصة والاستعانة بخبرات المتقاعدين.
ما تحقق في قطاع التعليم على مدى 11 عامًا يُعتبر ثورة تعليمية شاملة وضعت مصر على طريق الريادة العلمية والمعرفية، بحيث تحول التعليم من مجرد حق إلى أداة استراتيجية لبناء المستقبل وغرس القيم وتحقيق التنمية.
في ظل هذه الإنجازات المتتابعة، تؤكد الجمهورية الجديدة أن الاستثمار في العقول لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنية التحتية، وأن الإنسان المصري سيبقى دوماً محور كل تنمية وغاية كل إصلاح.
تعليقات