حكم سجود التلاوة المنسي أثناء الصلاة: فتوى من دار الإفتاء

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال يتعلق بموقف شخص صلى خلف إمام المسجد الذي قرأ آية تتطلب السجود ولكنه نسي السجود وأكمل الصلاة. وقد اختلف المصلون بعد الصلاة؛ إذ قال بعضهم إنه لو تذكر أثناء الركوع يجب عليه العودة والسجود، بينما اعتبر البعض الآخر أن السجود سنة ولا حرج في تركه. فما هو الرأي الصحيح في هذه الحالة؟

سجود التلاوة

أجابت دار الإفتاء بأن سجود التلاوة هو جزء من إظهار العبادة لله تعالى ويحدث عند تلاوة آية من القرآن الكريم تتطلب السجود، وهذا مستند لموافقة جميع الفقهاء. ويستند إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا۝ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا۝ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُم خُشُوعًا﴾ [الإسراء: 107 – 109].

اختلف الفقهاء في عدد سجدات التلاوة بالقرآن، حيث يرى البعض أن عددها أربعة عشر موضعًا، بينما يعتقد آخرون أنها أحد عشر أو حتى خمسة عشر موضعًا، وقد أشار بعض العلماء إلى هذا الاختلاف.

وفي تحديد حكم سجود التلاوة، تنوعت آراء الفقهاء؛ فبعضهم أوجبه، مثل الحنفية، في حين اعتبره آخرون سنة يثاب الفاعل عليها ولا يؤاخذ من يتركها، وهذا هو الرأي الذي يذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.

إذا تلى الإمام آية تتطلب السجود ثم تذكر بعد انشغاله بركن آخر كركوعه، فلا يعود للسجود بل يكمل صلاته، وليس عليه شيء وفقًا لجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، إذ يعتبر أن انشغاله بالفرض يمنعه من العودة للسنة، وأي زيادة عمدًا تبطل الصلاة.

حكم سجود التلاوة

بيّن الإمام ابن قدامة الحنبلي في كتابه “المغني” (2/ 23) أن الشخص الذي يترك شيئًا غير واجب مثل سجود التلاوة يجب عليه الاستمرار في الصلاة دون العودة للسجود، محذرًا من أن ترك الواجب عمدًا يبطل الصلاة. لكن إن كان قد تركه غير متعمد، فعندئذٍ لا تبطل صلاته. وإذا شرع في شيء ثم تذكر ما تركه، فسوف تكون الركعة التي لم يتم فيها سواء ترك الركوع أو السجود غير صحيحة.

أما الحنفية وابن القاسم من المالكية، فقد رأوا أنه إذا تلبس بركن بعد قراءته آية سجود وتذكرها، فإنه يسجد ثم يعود لأفعاله السابقة، مع تفاصيل ربما تحتم عليه أداء السجود للسهو أيضًا.

بذلك، في حالة السؤال المطروح: إذا قرأ الإمام آية تتطلب السجود ولكنه نسي ذلك ثم ركع، فلا داعي أن يعود للسجود، بل يكمل صلاته، والتي تعتبر صحيحة ولا شيء عليه.