بوصلة المطر: سراً مكشوفاً عن القرية الملونة باللعنة
في تأملاته حول تفسير سورة الفرقان، استعرض الشيخ محمد متولي الشعراوي قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾. وأوضح أن هذه الآية تشير إلى تجربة واقعية مر بها كفار مكة أثناء أسفارهم، حين كانوا يمرون على بقايا الأقوام الذين عاقبهم الله، ورغم مشاهدتهم لآثار الهلاك، لم يتعظوا.
وأوضح الشيخ الشعراوي أن القرية المشار إليها في الآية هي سدوم، وهي قرية قوم لوط عليه السلام، التي نزل عليها “مطر السوء”، في صورة حجر من سجيل كما سُجل في آيات أخرى.
وأضاف أنه بالرغم من أن الكفار كانوا يشاهدون هذه الديار ويدركون ما أصابها، إلا أنهم لم يتفكروا أو يعتبروا، لأنهم يفتقرون للإيمان بالبعث ووجود حساب بعد الموت.
وأشار الشعراوي إلى أن هذه الآثار ليست مجرد قصص تُروى، بل تمثل دلائل حقيقية على انتقام الله من الظالمين، وقد شاهدوها خلال رحلاتهم، كما أكد القرآن في موضع آخر بقوله: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.
و تابع بأن الغريب أن هؤلاء الكفار اتخذوا موقفًا ضد الظلم في حياتهم، كما يظهر في حلف الفضول بمكة حيث اجتمعوا لنصرة المظلوم ومعاقبة الظالم. لذا، إذا كانوا يعترفون بعدالة القصاص في الدنيا، فمن غير المقبول أن ينكروا وجود دار الجزاء في الآخرة حيث يُعاقب الظالم والمظلوم، خاصة أن العديد من الظالمين رحلوا دون عقاب.
وفي ختام تفسيره، أكد الشيخ الشعراوي على أن الإيمان بالبعث والجزاء هو ما يضمن تحقيق العدالة التامة، مستشهداً بقول أحدهم: “لن يموت ظالم حتى ينتقم الله منه”، حين اعترض عليه آخر قائلاً: “لكن فلان الظالم مات ولم يُنتقم منه”، فأجاب: “إن وراء هذه الدار دارًا يحاسب فيها المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته”.
تعليقات