التوازن الاستراتيجي: الصراع بين أمريكا وإسرائيل وإيران

بعد انتهاء الحرب، كيف يُحتفل بالنصر من قبل مختلف الأطراف؟
أعلنت إيران عن تنظيم احتفال رسمي في ساحة الثورة بمناسبة انتصارها، بينما في نفس الوقت، أعلنت إسرائيل عن احتفال كبير في ميدان رابين وسط تل أبيب احتفالًا بنصرها على إيران.

إذا كان الطرفان يحتفلان بالنصر، فمن هو الخاسر إذاً؟
حتى الولايات المتحدة، الداعم الأول لإسرائيل، تعتبر الموقف انتصارًا سياسيًا لها.

للإجابة على هذا السؤال، من الضروري معرفة نسبة تحقيق الأهداف التي سعت إليها كل دولة شاركت في الحرب، ومدى تحققها.

أهداف إسرائيل خلال الحرب ضد إيران تمثلت في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، إسقاط النظام، وتدمير قدرات إيران الدفاعية والهجومية.
فهل تم تحقيق هذه الأهداف؟
الإجابة القاطعة هي: لا.
على الرغم من أن إسرائيل قامت بهجمات على إيران ودمرت العديد من المواقع النووية، واغتالت علماء وقادة عسكريين مهمين، ودمرت منصات صواريخ متعددة، إلا أنها لم تحقق أيًا من أهدافها في الحرب.

وبالمقابل، لم تتأثر إيران كما يُروج في الإعلام الإسرائيلي والغربي، بل نشأ دعم شعبي للنظام الإيراني بعد الاعتداء، خصوصًا أنه كان يعاني من تراجع شعبي. تجمع كافة أطياف الشعب، بما فيها المعارضة، حول المرشد.
وكما أن للعلماء النوويين الذين تمت تصفيتهم آخرين كثيرين يحلون محلهم، فإن النظام لديه آليات داخلية لصناعة القرار ولا يعقد مصيرها بأشخاص بعينهم، بل يعتمد على تماسك مؤسساته.

وكمثال على ذلك، المرشد الإيراني نفسه منح الحرس الثوري صلاحيات تنفيذ مهامه في حال تعرضه للاعتداء.

إيران تمتلك الكثير من العلماء النوويين ضمن برامجها النووية، ومرافق فوردو ونطنز التي تعرضت للقصف يمكن إصلاحها في فترة زمنية قصيرة.
تصريح وكالة الطاقة الذرية بعدم قدرتها على تحديد مكان تخزين اليورانيوم المخصب يشير إلى أن إيران تستطيع إنتاج ما لا يقل عن 10 رؤوس نووية في غضون شهور قليلة، مما يعكس فشل إسرائيل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني.

على الجهة الأخرى، ردت إيران على الاعتداء الإسرائيلي بصواريخ فرط صوتية تجاوزت الدفاعات، واستهدفت تل أبيب بشكل مفاجئ ومدمّر.
كما تمت مهاجمة منشآت بحثية حساسة مثل معهد وايزمان ومعهد إسرائيل للأبحاث البيولوجية، بالإضافة إلى تدمير بعض محطات الكهرباء ومصافي النفط، مما أحدث أضرارًا جسيمة.
رغم هذه الخسائر، يواصل نتنياهو الاحتفال بنصر وهمي، مُنطلقًا من اعتبارات داخلية تتعلق بمشاكله القانونية واتهاماته بالفساد.

وعند تحليل الوضع، يبدو أن خسائر إسرائيل في تحقيق أهدافها تُعزز موقف إيران، وبالتالي يمكن القول إن النظام الإيراني هو الفائز، حيث حافظ على برنامج اليورانيوم، وقام بالرد على الهجمات بشكل قوي ومفاجئ، متعاطيًا مع الإدارة الأمريكية بصورة تحقق مصالحه.

الضربات كانت محسوبة ولم تستهدف تدمير أي طرف بحد ذاته، بل كانت ضمن مناورات سياسية بين ترامب والمرشد.
الجولة الأولى من الحرب انتهت فعليًا لصالح إيران، بينما لا تزال إسرائيل تسعى لتدمير إيران وإسقاط نظامها.
الحرب بدأت تحت قيادة نتنياهو، الذي يبدو أنه لا يريدها أن تنتهي ويعيش تحت ضغط التهديدات القانونية، مما يجعل المستقبل غير مؤكد.