التحليل الخاص: الفائز الخفي في مواجهة إيران وإسرائيل خلال 12 يومًا

بين 13 و25 يونيو 2025، شهدت المنطقة إحدى أقسى المواجهات المباشرة بين إيران وإسرائيل، حيث تدخلت الولايات المتحدة من خلال شن ضربات نوعية استهدفت منشآت نووية إيرانية. ومع سريان وقف إطلاق النار، برز سؤال جوهري: من الذي انتصر بالفعل في حرب الـ12 يومًا؟

■ واشنطن وتل أبيب: “نصر نووي”

أعلنت كل من إسرائيل والولايات المتحدة تحقيق “نصر استراتيجي حاسم”، حيث صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الضربات على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان “أعادت إيران عقوداً إلى الوراء”، مشيراً إلى أن “الصخور قد تساقطت فوق البرنامج النووي، وأنه لا أحد سيتمكن من إنقاذه”.

كما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العملية حققت “أهدافها بالكامل”، مشيراً إلى أن طهران تلقت الرسالة القاطعة: “أي تهديد نووي سيقابل بالقوة”.

■ التسريبات الأمريكية: “البرنامج لم يُدمر بشكل كامل”

إلا أن تسريبات من الاستخبارات الأمريكية قللت من أثر النصر المعلن، حيث أفادت بأن منشأة فوردو، الأكثر تحصينًا، أغلقت مداخلها بعد الضربات، مع بقاء الجزء الداخلي من الجبل غير مدمّر، وأن أجهزة الطرد المركزي لا تزال في حالة “قابلة للإصلاح”.

كما أفادت التقارير بأن طهران كانت قد نقلت جزءًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب إلى مواقع أخرى قبل الضربة، ما يعني أن “الضربة النووية” لم تكن قاتلة كما تم الادعاء.

■ إيران: خسائر كبيرة، لكن لم تُهزم

أقرت إيران بتكبد خسائر بشرية ومادية كبيرة، حيث قُتل 610 أشخاص، بينهم أطفال ونساء، وأكثر من 4700 جريح، بالإضافة إلى تدمير مستشفيات ومنشآت مدنية. كما فقدت عددًا من كبار القادة والعلماء، أبرزهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي.

ومع ذلك، سارعت طهران للإعلان عن “استعدادها للعودة إلى المفاوضات”، مؤكدة على “التمسك بحقوقها النووية السلمية”. كما اعتبر البرلمان الإيراني أن الرد الإيراني على القواعد الأمريكية في قطر كان “رسالة ردع ناجحة”، وصوّت على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهمًا مديرها رافائيل جروسي بـ”التجسس”.

■ وقف إطلاق النار: تهدئة تحت ضغط خارجي

تشير تقارير دبلوماسية إلى أن الولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار، خاصة بعد استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر بواسطة صواريخ إيرانية. وفقًا لتسريبات إعلامية، فقد وبخ الرئيس ترامب نتنياهو على خرقه الهدنة، مما دفع تل أبيب لتقليص ضرباتها في الأيام الأخيرة من الحرب.

في حين أن إسرائيل والولايات المتحدة تمكنتا من تسجيل نقاط مهمة من خلال استهداف مواقع حساسة، فإن الحرب لم تقض على المشروع النووي الإيراني ولم تؤد إلى انهيار النظام، كما لم تدفع طهران إلى الاستسلام.

أما إيران، فرغم الخسائر التي تكبدتها، فقد حافظت على جزء من بنيتها النووية، وأقامت قواعد جديدة للردع الإقليمي، وشاركت في إعادة تشكيل التوازن العسكري في الشرق الأوسط.

ربما لم ينتهِ الأمر بانتصار حاسم لأي طرف، لكن الحرب كشفت حدود القوة وعمق الدمار في منطقة لطالما عانت من غياب الاستقرار.