أصداء التحولات: شهادات مصطفى بكري حول البرادعي

– زار مصر بمطالب تتعلق بسبع نقاط، حيث كانت خطته الترشح للانتخابات الرئاسية.

– أسس “الجمعية الوطنية للتغيير” وجمع حوله المعارضين للنظام القائم.

– أقام تحالفًا مع جماعة الإخوان، واستفاد من الدعم الغربي في تحركاته.

هذه ليست مجرد سيرة حياة، بل هي شهادة حية على مرحلة تاريخية هامة عشتها بكل تفاصيلها، انتصاراتها وانكساراتها، وجوانبها الحلوة والمرّة. أحيانًا كنت قريبًا من صناع تلك الأحداث، وفي أخرى كنت ضحية لعنفوانهم. خضت معارك عديدة، بعضها قادني إلى السجون، لكنني لم أنكسر أو أتراجع عن ثوابتي وقناعاتي.

أروي هذه الشهادات بصدق وموضوعية، فبعض شهودها ما زالوا أحياء، وآخرون رحلوا إلى الدار الآخرة. التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن التغافل عنها أو تزوير أحداثها.

عام 2010.. تصاعد الاحتقان في مصر

في عام 2010، كانت الأوضاع في مصر تشهد تصاعدًا ملحوظًا في الاحتقان. حذرت مرارًا في مجلس الشعب من خطورة المرحلة المقبلة، وقدمت العديد من الاستجوابات للحكومة خلال هذه الفترة. ومع ذلك، كان الحزب الوطني الديمقراطي يقاوم، حيث أسقط جميع تلك الاستجوابات رغم الأدلة والوثائق التي قدمتها، وبالتحديد الاستجواب الذي تناول استحواذ رجل الأعمال أحمد عز على شركة حديد الدخيلة بطرق مشبوهة. حينها، حذرني الدكتور فتحي سرور من مغبة هذا الاستجواب، لكنني كنت مصممًا على تقديمه، فقلت له: “لن أستسلم، وأنا أستطيع مواجهة كل الادعاءات.”

وبالفعل، عند تقديم الاستجواب الذي كان عنوانه “مخاطر الخصخصة”، عرضت الأدلة المؤيدة لتهمي. وقد كان واضحًا أن عز قد استطاع بمجهوده أن يرتفع بمساهمته في الشركة إلى 52%، مستخدمًا نفوذه للحصول على قروض ضخمة من البنك الأهلي.

بعد إلقاء الاستجواب، تدخل أحمد عز محاولًا تبرير موقفه، لكن الأمر تطور ليصبح قضية رأي عام، وذهبت إلى الرئيس مبارك لأوضح له الحقائق. رغم ذلك، لم تُتخذ أي خطوات فعالة، اضطررت بعد ذلك لتقديم بلاغ للنائب العام، والذي قوبل بالتحقيق. بعدها، طلب مني اللواء أبو الوفا رشوان أن أسحب البلاغ، لكنني أصررت على موقف. وبعد أيام، أصبح ذلك البلاغ محور القضية ضد أحمد عز بعد أحداث 25 يناير 2011.

اجتاحت البلاد أجواء من القلق، لكن التقارير الرسمية التي كانت ترفع إلى الرئيس مبارك كانت تعزز فكرة استقرار الوضع، رغم الاحتجاجات المتزايدة حينئذ.

تصاعد النزاع ضد البرادعي

في تلك الأثناء، وعقب انتهاء فترة رئاسته لوكالة الطاقة الذرية، عاد الدكتور محمد البرادعي إلى مصر في عام 2010 ليؤسس “الجمعية الوطنية للتغيير”، داعيًا إلى تعديلات دستورية تحت إشراف قضائي.

بدأت منذها حربًا عنيفة ضد أهداف البرادعي التي بدت ديمقراطية وتدافع عن حقوق الإنسان، لكنني كنت أدرك أن هذه الشعارات لم تكن أكثر من وسيلة لإتاحة الفرصة للتدخلات الخارجية. وقد كتبت عن ذلك في مقالات عديدة وفي المؤتمرات التي عُقدت في ذلك الوقت.

عندما سئل البرادعي عن نواياه للترشح للرئاسة، لم ينف أو يؤكد، بل أثار حديثه حول ضرورة تحسين وضع الشعب المصري. كما أظهرت بعض التحركات نواياه لتدعيم علاقاته مع جماعة الإخوان وتفاعل مع الكنيسة الجليلة.

فيما يتعلق بموقف جماعة الإخوان، بدأ الذين حول البرادعي بالدفع بأن يتحرك نحو تعديلات سياسية، وعُقدت لقاءات عدة لإظهار التحالف بين البرادعي والإخوان.

كان البرادعي في صدد البحث عن حلفاء جدد، وقد أثار هذا التحالف مع الإخوان ردود فعل قوية من السلطة باعتباره تحديًا للنظام القائم.

هذا التحالف أصبح نبراسًا للحراك في الشارع المصري، حيث انطلقت المسيرات في العديد من المناطق مع هتافات تساند البرادعي. وقد قدم التفافًا شعبيًا حوله مما زاد من آمال المصريين في إمكانية التغيير.

نتابع نشر شهادات الكاتب والبرلماني مصطفى بكري حول الأزمات والأحداث التي شهدها مصر تحت حكم الرؤساء السادات ومبارك ومرسي والسيسي.

اقرأ أيضًا: كلمة السر «أكاديمية التغيير».. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 43»

خفايا الدعم الأمريكي للإخوان.. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 42»

شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: الإخوان وطريق الألف ميل