مصر: طريق المستقبل في صناعة السيارات بالتكنولوجيا العالمية
في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية والتحديات التي تواجه الدول النامية، تبرز مصر كنموذج يسعى بجد نحو تحقيق نهضة صناعية حقيقية، حيث تأتي في مقدمة الأولويات توطين صناعة السيارات. أصبح هذا القطاع الحيوي محورا أساسيا في الاستراتيجية الاقتصادية الجديدة التي تتبناها الدولة المصرية، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كوسيلة لتحفيز النمو وتقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز القدرات التصديرية.
شراكة استراتيجية وإنتاج محلي بنسبة 45%
أفاد اللواء مختار عبد اللطيف، رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع، بأنه تم إحراز تقدم كبير في مشروع توطين صناعة السيارات في مصر، حيث تم إنتاج سيارة “ستروين C4X” محليًا بنسبة مكون محلي تصل إلى 45% بالتعاون مع مجموعة “ستيلانتس” الفرنسية، عبر الشركة العربية الأمريكية للسيارات التابعة للهيئة.
وأشار عبد اللطيف في مداخلة هاتفية مع الإعلامية لبنى عسل في برنامج “الحياة اليوم”، إلى أن السيارة تأتي بفئتين، الأولى بسعر 1.2 مليون جنيه، والثانية (فول أوبشن) بسعر 1.5 مليون جنيه، وتمتاز بمحرك تيربو ثلاثي الأسطوانات سعة 1200 سي سي وناقل حركة أوتوماتيكي بـ8 سرعات، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا منافسًا في فئتها.
خطة طموحة لإنتاج 240 ألف سيارة
وتحدث عبد اللطيف عن الخطة المستقبلية للهيئة، والتي تستهدف إنتاج 240 ألف سيارة حتى نهاية عام 2031، منها 160 ألفًا للتصدير و80 ألفًا للسوق المحلي. كما أوضح أن المشروع سيشهد إطلاق طرازين جديدين بنهاية عام 2026، أحدهما من فئة السيدان والآخر من طراز SUV.
وأكد أن الهيئة تعمل بشكل منهجي على زيادة نسبة المكونات المحلية تدريجياً تلبية لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، سعيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الفاتورة الاستيرادية، ما سينعكس بشكل مباشر على أسعار السيارات ويجعلها أكثر تنافسية مقارنة بالسيارات المستوردة بالكامل.
دعم رئاسي مباشر وتوجه نحو التصدير
أوضح اللواء عبد اللطيف أن الرئيس السيسي يتابع هذا الملف عن كثب، حيث تم خلال الاجتماع الأخير مع الرئيس استعراض مستجدات صناعة السيارات ومشروعات التوسع المستقبلية. وأكد عبد اللطيف أن الهيئة تفتخر بدورها في دعم الدولة نحو توطين الصناعة، وأنها مستمرة في جهودها لتحقيق نقلة نوعية تجعل من مصر لاعبًا مهمًا في سوق السيارات العالمي.
خطوة انتقالية نحو التصنيع الكامل
تسعى مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بناء اقتصاد قوي يعتمد على التصنيع المحلي، حيث يعتبر قطاع السيارات أحد الركائز الأساسية في هذه الرؤية الطموحة.
وفي هذا الإطار، أكد عمر بلبع، رئيس الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الاهتمام المتزايد بصناعة السيارات والتوسع في التجميع المحلي يمثلان خطوة استراتيجية مهمة.
التجميع المحلي.. البداية نحو التصنيع الكامل
يرى بلبع أن دعم الدولة لقطاع السيارات والتجميع المحلي، ليس مجرد خطوة نحو الاكتفاء الذاتي، بل هو مرحلة انتقالية تمهد للتصنيع الكامل في المستقبل. وأكد أن تعميق المكون المحلي في عمليات التصنيع يساهم في رفع كفاءة الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية، مما ينعكس إيجاباً على تحسين الميزان التجاري ودعم العملة المحلية.
فرص عمل وتنمية اقتصادية شاملة
ورأى بلبع أن قطاع السيارات لا يقتصر فقط على الإنتاج داخل المصانع، بل يتجاوز ذلك ليخلق آلاف فرص العمل في سلاسل التوريد المرتبطة به، مثل قطاع النقل وقطع الغيار والخدمات اللوجستية، مما يساهم بدوره في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتوسيع القاعدة الإنتاجية بشكل متكامل.
مدينة لصناعة السيارات وتوطين التكنولوجيا
وفي خطوة طموحة نحو المستقبل، أشار بلبع إلى توجيهات الرئيس السيسي بإنشاء مدينة متكاملة لصناعة السيارات، والتوسع في إنتاج السيارات الكهربائية، مؤكداً أن هذا التوجه يعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى توطين التكنولوجيا الحديثة وتحفيز نظام الابتكار في مصر.
مصر على أعتاب نهضة صناعية واعدة
اختتم بلبع تصريحاته بالتأكيد على أن مصر الآن تقف على عتبة مرحلة صناعية جديدة، سيكون لقطاع السيارات فيها دور محوري. فاستثمار في هذا القطاع لا يقتصر على دعم الاقتصاد فحسب، بل يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لصناعة السيارات في الشرق الأوسط وإفريقيا، ويقربها أكثر من تحقيق حلمها في التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي.
تسير مصر بخطى واثقة نحو نهضة صناعية واعدة، تضع في مكانها المركزي توطين صناعة السيارات كأحد أعمدتها الأساسية. من تصنيع سيارات محلية بجودة أوروبية إلى خطط تصدير واستثمارات مستقبلية واعدة، تتجه البلاد نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وخلق فرص عمل وتحسين الميزان التجاري. بفضل الإرادة السياسية والدعم المؤسسي والوعي الشعبي المتزايد، يمكن لمصر أن تصبح مركزًا إقليميًا لصناعة السيارات، تنطلق منه السيارات المصرية إلى أسواق العالم، محملة بأصالة الصناعة الوطنية وثقة المستقبل.
تعليقات