في 25 يونيو 1965، شهدت مصر تجديد ولاية الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، الذي تولى رئاسة الجمهورية لأول مرة في عام 1956. لم يكن هذا التجديد مجرد قرار سياسي، بل كان تأكيدًا على الشعبية الواسعة والثقة التي منحها له الشعب المصري ليواصل مشاريعه الوطنية والقومية.
نشأة الزعيم جمال عبد الناصر
وُلد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918، في حي باكوس الشعبي بمحافظة الإسكندرية، في أسرة مصرية بسيطة ذات أصول ريفية من صعيد مصر. كان والده، عبد الناصر حسين، موظفًا في مصلحة البريد، ورغم ضيق الحال، حرص على تعليم أبنائه وتوفير ظروف حياتية كريمة لهم بقدر المستطاع.
بداية الطريق نحو العسكرية
بدأت مسيرة جمال عبد الناصر في الحياة العسكرية مبكرًا. عند بلوغه التاسعة عشرة، حاول الالتحاق بالكلية الحربية، إلا أنه لم يُوفّق، فدرس مؤقتًا في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا). وبعد إعلان الكلية عن قبول دفعة استثنائية، تقدم مرة أخرى، وتمكن من الانضمام إليها، ليحصل على رتبة ملازم ثانٍ في يوليو 1938.
من حرب فلسطين إلى تأسيس الضباط الأحرار
شارك عبد الناصر في حرب فلسطين عام 1948، وهي تجربة عميقة أثرت في وعيه الوطني والسياسي. وبعد عودته، عُيّن مدرسًا في كلية أركان الحرب بعد اجتياز الاختبارات، وفي يوليو 1949، أنشأ في منزله في كوبري القبة النواة الأولى لتنظيم الضباط الأحرار، الذي كان له أثر كبير في تاريخ مصر الحديث.
ثورة يوليو وبداية الجمهورية
في 23 يوليو 1952، قاد تنظيم الضباط الأحرار الثورة التي أنهت حكم الملك فاروق، وأعلنت مصر جمهورية رسمياً في العام التالي 1953. وفي 1954، تولى عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء، بينما ظل محمد نجيب رئيسًا للجمهورية بشكل رمزي حتى أُقصي عن السلطة.
توقيع اتفاقية الجلاء
في 19 أكتوبر 1954، تمكن الوفد المصري برئاسة عبد الناصر من توقيع اتفاقية الجلاء مع بريطانيا، والتي مثّلت إنجازًا سياسيًا كبيرًا. وخلال الاحتفال بهذه المناسبة في ميدان المنشية بالإسكندرية، تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في 26 أكتوبر من نفس العام.
رئاسة الجمهورية والمشروعات القومية
تم تنصيب عبد الناصر رسميًا كرئيس للجمهورية في 24 يونيو 1956، بعد إقرار دستور جديد واستفتاء شعبي واسع. منذ ذلك الحين، بدأ بتنفيذ عدد من المشاريع القومية الكبرى التي أسهمت في تطور البلاد، مثل بناء السد العالي، ومشروع التصنيع الثقيل، وتوسيع التعليم المجاني.

الولاية الثانية
في 25 يونيو 1965، حصل عبد الناصر على ولاية رئاسية ثانية بفضل دعم شعبي كبير وثقة متجددة في رؤيته السياسية والاقتصادية.
النكسة والتنحي والمطالب الشعبية بالعودة
في 9 يونيو 1967، عقب نكسة يونيو، أعلن جمال عبد الناصر تنحيه عن الحكم، مما أحدث أصداءً كبيرة في وجدان الأمة. ومع ذلك، خرجت الجماهير في مظاهرات حاشدة للمطالبة بعدم التنحي، مما دفعه للعدول عن قراره ومواصلة قيادته للبلاد خلال فترة صعبة.
مؤلفاته
لم يكن عبد الناصر زعيمًا سياسيًا فحسب، بل ترك إرثًا فكريًا من خلال مؤلفاته التي عكست رؤيته حول قضايا الثورة والوطن. ومن أبرز كتبه:
- فلسفة الثورة
- يوميات الرئيس جمال عبد الناصر عن حرب فلسطين 1948
- في سبيل الحرية
الرحيل وأثره في الوطن العربي
توفي الزعيم جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، بعد مسيرة حافلة بالنضال من أجل استقلال الوطن العربي وكرامة شعوبه. ولا يزال يُعتبر من أبرز الشخصيات في التاريخ المصري والعربي، حيث يمثل رمزًا للكفاح الوطني ويترك أثراً دائمًا في ضمير الشعوب العربية.
تعليقات